قال نبيل بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، إن "المغرب يعرف وتيرة متسارعة للتمدن، وسيواجه تغييرات عميقة وبشكل أكبر في العقدين المقبلين" نبيل بنعبد الله أمام لجنة المالية والتجهيزات (كرتوش) مشيرا إلى أن سكان المدن وضواحيها، يقاربون اليوم 65 في المائة من مجموع السكان، وأنه من المرتقب أن تصل النسبة إلى 75 في المائة في أفق 2030، الأمر الذي سيطرح إشكالية مدى قدرة المدن على الاستجابة لحاجيات الأسر، من فضاءات عيش كريمة، وتحديات التنافسية والاستدامة. وأضاف بنعبد الله، في عرض قدمه أمس الثلاثاء، أمام لجنة المالية والتجهيزات والتخطيط والتنمية الجهوية بمجلس النواب، حول سياسة المدينة، أن هناك مجموعة من الإكراهات والتحديات، تفرضها المرحلة، تتمثل في أن 3 ملايين من السكان الحضريين تعاني الفقر، و13 في المائة تقطن في سكن غير لائق، وأنه يتعين إحداث 250 ألف وظيفة سنويا بالوسط الحضري، كما أن 4.5 ملايين طن من النفايات الصلبة غير معالجة سنويا، فضلا عن ضرورة توفير 3 آلاف هكتار للتعمير سنويا، ووجود نقص في المرافق العمومية، والفضاءات، والخدمات الحضرية، وسيضاعف استهلاك الطاقة في أفق 2030 أربع مرات، كما ستكون هناك تنقلات حضرية مكلفة وغير مواكبة للتطور العمراني. وأوضح الوزير أن المدينة أصبحت عبارة عن مجالات لإنتاج الثروة، وفضاءات لضغط اجتماعي متزايد، يتمثل في عدم التوازن بين التمدن السريع وإحداث الفضاءات الإنتاجية، وانتشار الاقتصاد غير المنظم، وتوسع الفقر، وانحلال الروابط الاجتماعية، وتوسع عمراني غير متحكم فيه، وعلاقات غير متوازنة بين المراكز والهوامش، وعجز في البنية التحتية والتجهيزات الأساسية والخدمات والتنقلات الحضرية. من جهة ثانية، أفاد بنعبد الله أن النشاط الاقتصادي بالمدن يشكل نسبة مهمة من الناتج الداخلي الخام، ما يجعل الإنتاجية الحضرية في قلب مؤشرات النمو الاقتصادي، ويوضح أن العلاقة بين السياسة الماكرو اقتصادية والإنتاجية الحضرية مسألة ثابتة. وأشار الوزير إلى أن الدستور نص على ضمان حرية المبادرة والتنافس الحر، لتحقيق تنمية بشرية متضامنة، من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على الثروات، وعلى حقوق الأجيال القادمة، كما نص على الدور المنوط بالدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، لتيسير أسباب استفادة المواطنين من الحق في الولوج إلى العلاج، والحماية الاجتماعية، والحصول على تعليم ذي جودة، والشغل، والسكن اللائق، والعيش في بيئة سليمة، وتحقيق تنمية مستدامة. وأضاف الوزير أن البرنامج الحكومي خصص حيزا مهما للتداول بشأن هذه القضايا، باعتبارها خيارا استراتيجيا يروم وضع سياسة عمومية إرادية جديدة، وإدماجية وتشاركية، تقوم على مقاربة أفقية. وأشار بنعبد الله إلى أنه يجري العمل، في إطار رؤية شمولية لتهيئة وإعداد التراب الوطني، على إعداد دراسة استشرافية، تهدف إلى وضع مخطط توجيهي، لتقوية الشبكة الحضرية، عبر تعزيز المدن المتوسطة، ودعم المدن الصاعدة، وإحداث الأقطاب الحضرية الجديدة. وتهدف هذه السياسة، حسب الوزير، إلى تعزيز أدوار المدن باعتبارها مراكز أساسية لإنتاج الثروة، وتحقيق التنمية وضمان تنمية منسجمة ومتوازنة ومستدامة لهذه الفضاءات، مبرزا أن مبادئ الحكامة الجيدة، والتشاور مع كافة الفرقاء المؤسساتيين والهيئات المنتخبة والمهنيين والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع المدني، تشكل ركائز هذه المقاربة. وأضاف أن التحدي الأكبر يكمن في بلورة سياسة شمولية للمدينة، وقال "نتطلع من خلالها إلى مدينة دامجة، متضامنة، مندمجة، منتجة، تنافسية ومستدامة منبنية على تشاور، وبناء تشاركي، مرتكز على أجرأة مستدامة، انطلاقا من توصيات وخلاصات الورشات الجهوية، والورشات الموضوعاتية، والندوات الفكرية المواكبة لها، قبل وضع المرجعية النهائية المتوافق بشأنها خلال المناظرة الوطنية، المزمع عقدها نهاية ماي الجاري، أو بداية يونيو المقبل".