أكد رشيد الأندلسي، رئيس جمعية "كازا مموار" أن هذه الأخيرة تحاول قدر الإمكان إضفاء قوة قانونية على المباني المستهدفة للهدم من خلال دراسة كل أبعادها الهندسية المعمارية والتاريخية والإشعار بقيمتها كبناء ومعطى تاريخي وإنساني، من خلال الاستعانة بوزارة الثقافة التي تستجيب لمطالب الجمعية، وبالتالي يصبح من المستبعد إصدار قرار الهدم إلى حين إيجاد حل للمبنى بالإصلاح والترميم. وأضاف أن الجمعية، التي تأسست منذ سنة 1995، استطاعت فرض وجودها بعد الثقة التي أصبحت تتمتع بها، خاصة أن أعضاءها هم أناس متخصصون في الهندسة المعمارية، كما هم أطباء وباحثون سوسيولوجيون وغيرهم، باعتبار أن المهندس يفترض أن يكون ملما بجميع العلوم، حتى يكون إنتاجه الهندسي يتوافق مع النسق الاجتماعي. بعدما تقلدتم، من جديد، منصب رئاسة الجمعية المهتمة بالحفاظ على المباني التاريخية، هل تجدون أن "كازا ميموار" نجحت في إيقاف نزيف هدم المباني التاريخية؟ بداية، لابد لي من التنويه بالعمل الجبار الذي أنجزه رئيس الجمعية السابق، عبد الرحيم قسو، إذ قدم الكثير للجمعية، فبفضله تعززت مكانة الجمعية لدى المعنيين بالأمر، وكذا المواطنين والمهتمين بالتراث الوطني، إذ ما فتئ قسو يعرف بطبيعة عمل "كازا ميموار" في عدة محافل دولية ووطنية، ساعد أن يكون لدور أعضائها وقع عند الجهات المختصة. ومن ثمة يمكن القول إن الجمعية، التي تأسست منذ سنة 1995، استطاعت فرض وجودها بعد الثقة التي أصبحت تتمتع بها، خاصة أن أعضاءها هم أناس متخصصون في الهندسة المعمارية، كما هم أطباء وباحثون سوسيولوجيون وغيرهم، باعتبار أن المهندس يفترض أن يكون ملما بجميع العلوم، حتى يكون إنتاجه الهندسي يتوافق مع النسق الاجتماعي. (دون تردد)، يردف قائلا: لا يمكن الحسم بنجاح عمل الجمعية، بل حري القول إن الجمعية تواصل جهودها للتعريف بقيمة المباني التاريخية للدارالبيضاء قصد ترميمها والحفاظ عليها. ما هي الإجراءات التي تعتمدها الجمعية للتنبيه إلى خطورة إهمال المباني التاريخية؟ تعتمد الجمعية على مهندسين معماريين، كما تعتمد على خبراء وباحثين ومهتمين، بمجال الهندسة المعمارية، لإعداد في أول الأمر ورقة تقنية تسجل جميع المعطيات المتعلقة بالمبنى، من حيث تاريخ تشييده ومساحته وتصميمه ومعالمه الهندسية والحدث الذي تمثله وغيرها من المعلومات التي ترتبه على أنه بناء تاريخي وجب الحفاظ عليه. (يضيف باسترسال)، إن الجمعية تحرص على تقديم معطيات شاملة على البناء وصور لها، بعد أن تحضر لائحة أولية للمباني المعنية بهذا البحث، لتشرع في مراسلة وزارة الثقافة قصد مدها بالمعلومات الكافية عن المباني التي تعتبرها الجمعية تراثا معماريا، وهو خطوة ترجو منها الجمعية كسب دعم الوزارة لتفعيل الإجراءات وإصلاح المباني المتضررة. هل تمكنت الجمعية من تحديد جميع المباني المصنفة على أنها تراث معماري تاريخي؟ لا يمكن الجزم بأن هناك جردا كاملا وأخيرا للمباني المعنية بالإصلاح والترميم، ما يعني أن هناك فقط جردا أوليا، بلغ ما يزيد عن 350 بناية، والجمعية وإن كانت تجدها مبان تاريخية، فهي ليست كلها مصنفة لدى وزارة الثقافة، لكن "كازا ميموار" تواصل سعيها إلى التعريف بهذه المباني وتسليط الضوء على أهميتها الهندسية والمعمارية والتاريخية، لأنها موروث من المؤسف تجاهله أو التخلي عنه، فهو مكسب حقيقي يستدعي الحرص عليه، بصرف النظر عن جنسية المهندسين الذي صمموا هذه البنايات وشيدوها. (يصمت للحظة ثم يواصل الحديث بنبرة حازمة)، إن إصلاح هذه المباني وترميمها يستوجب ميزانية خاصة بها، ومادام مشكل توفيرها قائما، ويشكل عائقا في الشروع في الإصلاح، فالجمعية تحاول إقناع الجهات المختصة برفع الضرائب عن المستثمرين لتسهيل مهمة الترميم، على نحو يخلق توازنا بين هؤلاء والجهات المعنية، لأن أي تأخير أو تماطل لا يزيد المشكل إلا تفاقما، بعدما تتضرر المباني بشكل أكبر، لترتفع معها كلفة الإصلاح والترميم في ما بعد. هدمت عدة مباني تاريخية بمبررات مختلفة، هل هناك قانون يمنع إقبار هذه المباني، رغم حملها لمواصفات معمارية وهندسية متميزة؟ (يصمت ثم يتحدث بنوع من الانفعال)، للأسف ليس هناك قانون يحول دون فقدان هذه المباني المخلدة للموروث المعماري المغربي، والجمعية تعي خطورة هذا الواقع، من ثمة فهي تحاول قدر الإمكان إضفاء قوة قانونية على المباني المستهدفة للهدم، من خلال دراسة كل أبعادها الهندسية المعمارية والتاريخية والإشعار بقيمتها كبناء ومعطى تاريخي وإنساني، من خلال الاستعانة بوزارة الثقافة التي تستجيب لمطالب الجمعية، وبالتالي يصبح من المستبعد إصدار قرار الهدم إلى حين إيجاد حل للمبنى بالإصلاح والترميم. بصفتك مهندسا معماريا لك تجربة واسعة في مجال الهندسة، ما هي الأولويات المعتمدة لإصلاح مبنى معين؟ إن أي بناء مشيد إلا وله خصوصياته الهندسية والفنية والجمالية، إلى جانب البعد الوظيفي الذي يمثله، أي أنه في حالة تقادمه وتضرر بنيانه، فإن عملية ترميمه تأخذ بعين الاعتبار مواصفاته ومقوماته السابقة، بما يفيد أن الإصلاح لا يعني التغيير في شكله بل معالجة ما تضرر من البناء فحسب. ولأوضح أكثر، فقيمة البناء التاريخي تكمن في الحفاظ على البنية التي وجد عليها في أول تشييده، وبالتالي وجب الحفاظ على شكله الأصلي، حتى لا يقع أي تحريف له، وهنا يكمن دور المهندس المعماري الذي يتدخل في عملية الترميم، لضمان إصلاح لا يشوه حقيقة البناء، كتغيير في الواجهة مثلا أو إنشاء منافذ ومداخل أخرى لم تكن ضمن البناء. كيف تتواصل الجمعية مع المواطنين للتعريف بأنشطتها وبالتراث المعماري الذي تحفل به مدينة الدارالبيضاء؟ مما لا شك فيه أن الجمعية تستمد قوتها الاعتبارية من ثقة المواطنين كما المسؤولين والمعنيين والمختصين والمهتمين بهذا الجانب، لهذا فهي تحرص باستمرار على تنظيم لقاءات وندوات ومحاضرات، توسع رقعة "الغيورين" على التراث المعماري، لهذا عملت الجمعية على تكوين ما يناهز 120 مرشدا كل حسب مجال اختصاصه ومناطق انتمائه، لتفعيل دور الجمعية في النهوض بمباني الدارالبيضاء، وعيا بأن نجاح الحياة بأي مدينة رهين بالمناخ السائد فيها، وأعني القول هنا، بالمناخ العمراني الذي له علاقة وطيدة بالمجالات الأخرى سواء السياحة أو الاقتصادية أو الاجتماعية وحتى الأبعاد النفسية للمواطنين. بالإضافة إلى أن المواطن يملك الحق العمومي في الفضاء وبالتالي يجب معرفة المصالح المشتركة للحفاظ عليها، فرغم أن ملكية التراث تعود لأصحابها، فالمواطن يملكه أيضا، بشكل من الأشكال.