الرباط (و م ع) - أدى أمير المؤمنين٬ صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ أمس، صلاة الجمعة بمسجد ملين بالرباط. وأكد الخطيب٬ في مستهل خطبة الجمعة٬ أن العدل يعد من الدعائم الأساسية لقيام الأمم ونهضتها٬ وأنه لذلك عني الإسلام بإقامته عناية عظيمة، لأنه أساس الملك وقوامه وعدته ونظامه٬ موضحا أن العدل هو إعطاء كل ذي حق حقه٬ وأخذ الحق من الظالم إلى المظلوم. (ماب) وقال إن المراد بالعدل، العدل الشامل، الذي يدعو إلى الطاعة التي تعني التربية على احترام القانون والالتزام به، مبرزا أن العدل يبعث على الألفة ويستوجب المودة، به تطمئن النفوس وبه يؤمن على الولد والعرض، وبه تعمر البلاد، وتنمى الأموال، وتسعد الأوطان، وتنجو من الكوارث والآفات. وبعد أن ذكر بأن ميزة الإسلام، التي يسمو بها على جميع أنظمة العدل والحقوق، هي ربطه بين الجانب الحقوقي والجانب التربوي - النفسي، أشار إلى أن العدل أصناف ودرجات، منها عدل الإنسان في نفسه، بحملها على المصالح وكفها عن المفاسد، وعدل الإنسان في من دونه، كعدل الحاكم في رعيته والرئيس في مرؤوسيه، وكذا عدل الإنسان مع من فوقه، كعدل المحكومين مع الحكام والمرؤوسين مع الرؤساء، وأن قوام ذلك كله هو إخلاص الطاعة وبذل النصرة وصدق الولاء، ثم هناك عدل الإنسان مع إخوانه ونظرائه، بنشر الألفة والعطف والرحمة وكف الأذى. وأوضح الخطيب أن العدل الذي يأمر به الإسلام، عدل شامل خالص من كل شائبة ومن نزوات النفس والهوى ومن أحوال الرضى والغضب، ولذلك فإن القرآن ينبه المؤمنين بألا يدفعهم كرههم وبغضهم لبعض الناس إلى التخلي عن العدل معهم، مهما كانت أسباب هذه الكراهية وهذا الشنآن، حيث قال تعالى "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا"، أي لا يحملنكم بغضكم لقوم على عدم معاملتهم بالعدل والإنصاف، بل اعدلوا هو أقرب للتقوى، وذلك أعظم ما يحرص على بلوغه المؤمنون أي رضى الله وتقواه. وأكد الخطيب أن أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حريص، أشد ما يكون الحرص، على أن يسود في مملكته الشريفة أسلوب شامل على التربية على العدل، لا سيما عدل القضاء في المحاكم، حتى ينال كل ذي حق حقه بأيسر المساطر وأنصفها لذوي الحقوق لأن العادل لا يرعى في عمله أو حكمه أو قوله إلا الله، لا يحابي أحدا من خلق الله، ولا يخضع إلا لأوامر الله، ولا يعمل إلا بوحي الله، فيد الله تؤيده وجند الله تسانده، مذكرا بأن أمير المؤمنين، وفي سياق هذه العناية، قام بتنصيب هيئة وطنية للحوار حول إصلاح منظومة العدالة. وانطلاقا من قول الرسول الكريم في الحديث القدسي عن ربه عز وجل "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا"، أكد الخطيب أن الله تعالى جعل إقامة الحق والعدل بين الناس من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف، وجعل العدل أمرا مناطا بولي الأمر ومن ينوب عنه من العلماء والقضاة والولاة وكل من يتقلد مسؤولية رعاية وتدبير شأن من شؤون المواطنين، فالسلطان ظل الله في الأرض وخليفة رسول الله في إقامة الدين وشعائره، يأوي إليه الفقير والمسكين، ويلجأ إليه الضعيف ويحتمي بحماه المظلوم. وأشار الخطيب، من جهة أخرى، إلى أن الدعاء سلاح رباني قوي من أسلحة الله تعالى، يجريه على لسان من يشاء من عباده المؤمنين والمتقين العابدين، أو المظلومين، مضيفا أن دعوة المظلوم يرفعها الله فوق سبع سماوات، حاثا كل مسلم على أن يحاسب نفسه وينتصف منها ويستفتي قلبه في ما يأتي ويذر ليكون من المقسطين. وأكد أن الله تعالى أنعم على الأمة المغربية بملك همام، وأمير للمؤمنين، وإمام تتجسد فيه معاني العدل والقسط والحرص الدائم على توطيد أركانه وترسيخ بنيانه والعمل الدؤوب على إصلاح القضاء وتطوير بنياته والعناية برجاله. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله تعالى بأن ينصر أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، جلالة الملك محمد السادس، نصرا عزيزا يعز به الدين، ويجمع به كلمة المسلمين، ويبارك في خطواته ومسعاه، ويجعل كل مبادرات جلالته أعمال خير وبركة، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع عفوه وجميل فضله الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.