أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، أمس، صلاة الجمعة بمسجد الهدى بمدينة الدارالبيضاء. وأكد الخطيب، في مستهل خطبة الجمعة، أن تعاليم الإسلام التي أساسها غرس العقيدة السليمة في النفوس بإخلاص العبودية والربوبية والألوهية للإله الواحد القهار، لها هدفها الواضح وثمرتها المرجوة ألا وهي تكوين مجتمع متضامن متكافل. (ماب) وأوضح أن المظهر الكبير لهذا التضامن هو الإنفاق، بجعله، سواء تعلق بالزكاة المفروضة أو الصدقة التطوعية، أهم وسيلة لتحقيق هذا التضامن الاجتماعي. وأضاف أن العمل الصالح هو من لوازم الإيمان، ولذلك قرن به في الكثير من آي القرآن وسنة النبي الكريم، مبرزا أن الإنفاق في سبيل الله، هو على رأس العمل الصالح الذي يعم نفعه البلاد والعباد، على اعتبار أن المال في حقيقته هو مال الله تعالى، وهو في يد الإنسان أمانة مستخلف عليها. وذكر في هذا السياق بأن المال ليس إلا وسيلة للبذل والعطاء والإنفاق بسخاء في وجوه البر والإحسان والنماء والعمران، إذ جعله الله ابتلاء وامتحانا في يد العباد لينظر كيف يعملون، حيث يقول عز وجل "فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى، فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى، فسنيسره للعسرى، وما يغني عنه ماله إذا تردى". وقال الخطيب إن الإنفاق في سبيل الله سبب في نماء المال وزيادته حسا ومعنى، وبالتالي فحري بالمسلم أن ينفع به عيال الله في الدنيا فينال شكرا، ويدخره عند الله تعالى لينال أجره وثوابه، في يوم هو أحوج ما يكون فيه إلى مثقال ذرة من الحسنات، مؤكدا أن القرآن الكريم حذر النفوس من الشح والبخل والإسراف والترف وأعدها للبذل والعطاء والقيام بحقوق الله وحقوق العباد. وأضاف أن الإنفاق في سبيل الله وبذل المال في وجوهه المشروعة هو من أعظم وأفضل القربات، لأن المال الحقيقي هو ما ادخره المسلم عند الله تعالى يرجو ثوابه في صدقة جارية كمسجد بناه أو نهر أجراه أو مسكين أطعمه أو محتاج أعانه أو معسر أنظره. وأشار الخطيب، بالمقابل، إلى أن الله تعالى ضرب في كتابه الكريم، بقارون، أبلغ المثل لحال الذين يمسكون الأموال ولا ينفقونها في سبيل الله، ويبخلون بها على الفقراء والمساكين واليتامى والمحتاجين، ذلك أن قارون بغى وطغى واستكبر وتجبر بعدما أتاه الله من كنوز الدنيا ما لم يؤته أحدا من العالمين، فخسف الله به وبداره الأرض بعدما كفر بالنعمة ورفض الشكر والإحسان. وأوضح أن الإنفاق في سبيل الله حماية للمال من الضياع وإنماء له وتطهير لصاحبه، كما أنه من أهم دعائم المجتمع القوي المتماسك، الذي تسود فيه الصدقة والتضامن فيكون كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص، وأنه لذلك امتدح الله المنفقين ووعدهم بالأجر والثواب الجزيل. وابتهل الخطيب في الختام إلى العلي القدير بأن ينصر أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يتخذ من القرارات والتدابير ما يسعد به شعبه، ويفرج به كرب المحتاجين ويخفف به وطأة البؤس وكابوس الحرمان، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى الباري عز وجل بأن يتغمد بواسع رحمته، ويشمل بجميل فضله، الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويطيب ثراهما.