أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله٬ أمس٬ صلاة الجمعة بالمسجد المحمدي، بمدينة خريبكة. وذكر الخطيب٬ في مستهل خطبة الجمعة٬ بأن من قيم الإسلام ما هو منبع قيم كثيرة٬ يكفي التحلي بها لتحقيق التحلي بعدد من القيم الأخرى ومن هذه القيم قيمة الصدق٬ مؤكدا أن من أجل نعم الله تعالى على العبد المسلم٬ أن يحبب إليه الصدق٬ فلا ترتاح نفسه ولا يهدأ ضميره إلا بالصدق٬ فإذا تردد في أمر٬ آثر الصمت على أن يقول قولا لا يدري أحق هو أم باطل٬ عملا بالحديث النبوي الشريف٬ "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك٬ فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة". وشدد الخطيب على أن الصدق من أعظم الصفات الجليلة والنعوت الجميلة التي يجب التحلي بها وعدم التخلي عنها٬ وهو صفة من صفات الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام٬ وهو الطريق القويم للوصول إلى الله عز وجل ونيل رضوانه٬ والفوز بالجنة يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم٬ ومن لم يتحل بالصدق كان من الهالكين. فبالصدق يتميز أهل الحق والإيمان عن أهل الزور والبهتان٬ والصدق روح الأعمال ومحك الأقوال والأفعال٬ ولذلك أمر الله تعالى عباده المؤمنين المخلصين بأن يكونوا دوما مع الصادقين العاملين. وقال إن الصدق عنوان الرقي ودليل الكمال ومظهر من مظاهر السلوك النظيف٬ وهو الذي يضمن توطيد العلاقات بين الأفراد والجماعات٬ والأسر والعائلات٬ وهو أساس الدين وعمود اليقين٬ ودرجته تالية لدرجة الأنبياء والمرسلين، التي هي أرفع درجات العاملين. وأوضح الخطيب أن الصدق هو الركن الأساسي من أركان التعامل والتعاون بين الناس٬ فلا انتظام من دونه٬ ولا ثقة بين الناس في علاقاتهم الخاصة والعامة٬ فهو منبع كل فضل وجماع كل خير٬ مشيرا إلى أن الصدق نوعان٬ صدق في القول وصدق في العمل٬ فالصدق في القول يقتضي الصدق في الوعود والصدق في الإخبار٬ وكلاهما يحتاج إلى الالتزام والتحري٬ لأن النفوس إذا تحكمت فيها الشهوات وقادتها الأغراض أسرعت إلى الكذب على النفس والكذب على الناس٬ ومن كذب على نفسه أوقعها في الخلل وعرضها للخيبة واليأس، ومن كذب على الناس ظلمهم في حقوقهم التي هي صيانة أموالهم أو رعاية حرمة أعراضهم. وأكد أنه يكفي الصادقين شرفا أن الصدق صفة من صفات الله عز وجل٬ وهو أظهر مظهر تميز به الأنبياء والمرسلون٬ كما أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وصف قبل بعثته بالصادق الأمين٬ ورسالة الإسلام كلها صدق. وأبرز خطيب الجمعة أن من علامات نجاح المعاملات وإثمارها بين الناس أن يحس بعضهم بالصدق عن البعض الآخر٬ لأن للصدق علامات لا تخفى٬ ولذلك وجب إشعار الناس بالصدق٬ ولاسيما من لدن المسؤولين عن أمور الدولة والمجتمع في كل المستويات٬ على اعتبار أن الإحساس بالصدق هو مبعث الثقة التي هي أساس التعاون في كل أنواع الخير. وخلص الخطيب إلى أن الصدق تطمئن له النفوس الكريمة٬ والكذب يقلقها ويدعها حائرة مضطربة٬ وأن الصدق مصدر لكل فضيلة٬ والكذب أساس لكل رذيلة٬ مشيرا إلى أنه "لئن كان ثواب الصدق نجاة العبد في الآخرة٬ فإن أقل ما يحصله في الدنيا حلاوة منطقه٬ وملاحة في منظره٬ وهيبة في مطلعه". وابتهل الخطيب٬ في الختام٬ إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين٬ حامي حمى الملة والدين٬ صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصرا عزيزا يعز به الدين ويجمع به كلمة المسلمين٬ وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وبكافة أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع رحمته وعفوه الملكين المجاهدين جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما، ويجعلهما في مقعد صدق مع الذين أنعم عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين.