ينتظر أن تشهد محاكم المغرب، الأسبوع المقبل، شللا جديدا في مصالحها، بسبب إضراب شغيلة العدل، التابعة للنقابة الديمقراطية للعدل (الفيدرالية الديمقراطية للشغل)، يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين، دفاعا عن "حقها في التنظيم والاحتجاج"، وتنديدا ب"محاولات التنميط والتصنيف والتركيع". وقال عبد الصادق السعيدي، الكاتب العام للنقابة الديمقراطية للعدل، إن الإضراب الوطني سيكون مصحوبا باعتصام إنذاري خلال اليوم الأول، في مقرات المحاكم الابتدائية بمكناس، ومراكش، وطنجة، والرباط. وأوضح السعيدي، في تصريح ل"المغربية"، أن المكتب الوطني للنقابة دعا كل مكاتب الفروع إلى عقد لقاءات تواصلية داخل المحاكم، يوم 19 أبريل الجاري، لرفع مستوى التعبئة النضالية، وتوضيح المغالطات، ورفع اللبس عما يراد لكتابة الضبط من مهانة وخنوع وتبعية. وندد السعيدي بما أسماه "الحملة غير المسبوقة لوزارة العدل في سياق التضييق على حق أطره وحماه الدستور، وهو حق الإضراب"، معتبرا أنه "إذ كان هناك ما يعاب في سياق المعركة النضالية وتداعياتها وأشكالها، فهو انعدام المسؤولية لدى وزارة العدل والحريات، التي اختارت أن تتشبع بجرعة زائدة من الذاتية والفرعنة، للاستقواء بنفوذها على الموظفين، واستمراء هضم حقوق الناس بالباطل". وفي سياق تفاعلات احتجاجات النقابة الديمقراطية للعدل ضد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بورزازات، التي كان آخرها اعتصام في استئنافية ورزازات، لمناهضة ما أسمته "رموز الفساد بقطاع العدل"، والمطالبة ب رحيل الوكيل العام"، دخلت الودادية الحسنية للقضاة على الخط، ونددت باستهداف القضاة، خصوصا الوكيل العام المذكور. وعقد المكتب المركزي للودادية الحسنية للقضاة، نهاية الأسبوع المنصرم، اجتماعا بالرباط، لتدارس "ما تعرض له مجموعة من القضاة والمسؤولين، وينهم الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بورزازات، من إهانة حاطة بالكرامة القضائية، وبما ووجه به من استفزازات، وافتراءات وأباطيل، مست بشخصه وشرفه وأسرته". وقالت الودادية، في بلاغ لها، توصلت "المغربية" بنسخة منه، إن "القاضي المذكور قام بواجبه في إطار ملف قضائي لما كان يعمل بمحكمة استئنافية سابقة، نتج عنه تحريك دعوى عمومية، ما أدى إلى تضامن غير مبرر مع الموظف المتابع، من طرف تنظيم نقابي أراد كف أيدي باقي النيابات العامة عن القيام بمسؤوليتها في إطار الفساد". وأضافت الودادية أن "هذا التضامن اتخذ أشكالا من التعسف والتطاول على السلطة القضائية، بأفعال وأقوال لا تمت إلى الحقيقة بصلة، نشرت عبر بعض المنابر الإعلامية، دون اتخاذ الحيطة اللازمة والضرورية للتأكد من حقيقتها، ما أدى إلى زرع بذور الشك واللبس لدى الرأي العام في شأن سلامة الجهاز القضائي الذي ليس لأي جهة أخرى أن تقذف في صلاحياته، ما عدا ما خصصه الدستور من حق المجلس الأعلى للسلطة القضائية في محاسبة القضاة". وشجبت الودادية "هذه التصرفات غير المسؤولة"، مستنكرة "كل ما يمكن أن يعكر صفو الود والوئام الذي تعرفه منظومة العدالة بجميع مكوناتها". وعبرت الودادية عن تضامنها مع القاضي الوكيل العام للملك بورزازات، وباقي "القضاة المستهدفين"، معلنة أنها تحتفظ بحقها في سلوك جميع الإجراءات المتعلقة بالضمانات الممنوحة دستوريا للقضاة، في إطار الدفاع عن حقوقهم وصون كرامتهم. من جهة أخرى، عقد نادي قضاة المغرب والنقابة الديمقراطية للعدل لقاء مشتركا، مساء الأحد الماضي، بالرباط، "جرى خلاله الوقوف على عمل اللجنة الدائمة للتنسيق بين الإطارين وآفاق عملهما المشترك، بما يخدم مصالح العاملين بالقطاع، ويوحد وجهات النظر بخصوص كل الرهانات المطروحة على جهاز العدالة والعاملين به". كما وقف الطرفان، حسب بلاغ مشترك لهما، توصلت "المغربية" بنسخة منه، على "التصريحات الأخيرة لوزير العدل والحريات، وما حملته في طياتها من تهجم لا مبرر له، ومناف لما سبق وأن ألزم به الوزير نفسه بنهج المنهجية التشاركية والإنصات للجميع، وجعل الحوار البناء المؤطر لكل الإشكالات المطروحة". واعتبر البلاغ "تصريحات وزير العدل والحريات محاولة غير موفقة للإجهاز على حقوق مكتسبة بفضل الدستور الجديد للمملكة، وليس لأي كان الحق في تجزيء النفس الحقوقي أو الاقتطاع من هامش الحرية التي أتاحها إن باسم واجب التحفظ أو خصوصية القطاع، والتي بالمناسبة كانت ويراد لها أن تظل العناوين البارزة لاستصدار الحق في الجهر بالرأي، والمطالبة بالحقوق داخل قطاع العدل". وعبر الطرفان عن "ارتياحهما للعلاقة المتميزة التي تجمع القضاة بموظفي وأطر جهاز كتابة الضبط، وهي علاقة مبنية على الاحترام المتبادل والتعاون المثمر والتضحية المتواصلة، لما فيه خدمة العدالة وطالبيها من عموم الشعب المغربي". وأكد الطرفان على أن "مشروع إصلاح القضاء منطلقه ومنتهاه العاملون به، ويعتبران أن الخطاب الملكي ل 20 غشت 2009، كان متقدما جدا في رسم معالم الإصلاح العميق للقضاء تشخيصا للأوضاع ورصدا للحلول"، محملين "وزارة العدل كامل المسؤولية في ما قد تحمله الأيام القادمة من تطورات، أمام هذا العناد الرسمي، الذي يراد أن تجابه به المطالب العادلة للقضاة والموظفين، المهنية منها والاجتماعية". وطالب الطرفان "وزارة العدل بترجيح كفة التحاور المسؤول حتى تعود الثقة بين الأطراف، وتفتح آفاق عمل معقلن يحترم الحقوق ويؤمن بالحريات، ويسعى إلى رصد الحلول في إطار الاحترام التام للقانون".