يخلد الشعب المغربي٬ وفي طليعته أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وسكان الدارالبيضاء٬ اليوم السبت٬ في أجواء طافحة بالقيم والمثل الوطنية٬ الذكرى 65 لأحداث 7 أبريل 1947 التي تعتبر ملحمة بطولية من ملاحم الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال والوحدة٬ ووفاء لأرواح شهدائها الأبرار. وفي مثل هذا اليوم من شهر أبريل 1947، أقدمت قوات الاحتلال على اقتراف أبشع مجزرة في حق سكان الدارالبيضاء٬ للحيلولة دون قيام جلالة المغفور له محمد الخامس٬ طيب الله ثراه٬ بزيارة الوحدة التاريخية إلى مدينة طنجة في 9 أبريل 1947، لما كانت تهدف إليه هذه الرحلة الميمونة من تأكيد مطالب المغرب المتمثلة في استقلاله وتحقيق وحدة أراضيه وتمسكه بهويته العربية والإسلامية. إن الذاكرة الوطنية لتختزن أياما مشهودة من أيام هذه المدينة المجاهدة الحافلة بالنضال والمقاومة٬ والتضحيات الجسام التي بذلها أبناؤها في رياض العمل الوطني ومعترك المقاومة وجيش التحرير٬ دفاعا عن مقدسات الوطن٬ وتحديا لقوات الاحتلال أثناء مواجهات يوم 7 أبريل 1947، إذ تصدى المواطنون٬ بكل شجاعة وإقدام وإيمان٬ لحملات التنكيل والتقتيل التي شنها الاحتلال في حقهم٬ والتي طبعتها أعمال وحشية وهمجية٬ إذ اختلقت السلطات الاستعمارية أسبابا ليدفع رئيس ناحية الدارالبيضاء "بونيفاس" جنوده إلى ترويع وقتل المواطنين بكل من أحياء ابن مسيك وكراج علال ومديونة ودرب الكبير والأحياء المجاورة٬ دون تمييز بين أطفال وشيوخ ونساء٬ فسقط المئات من المواطنين بين شهداء وجرحى واعتقل آخرون كثيرون. بيد أن جلالة المغفور له محمد الخامس٬ قدس الله روحه٬ تحدى قوات الاحتلال وأدرك أبعاد وأهداف المؤامرة الدنيئة التي أقدمت عليها القوات الاستعمارية٬ وتوجه إلى مدينة الدار البيضاء ليواسي أسر الضحايا٬ ثم توجه٬ بعد ذلك٬ إلى مدينة طنجة للقيام بزيارته في موعدها المقرر٬ محبطا مناورات سلطات الاحتلال. وألقى جلالته رحمة الله عليه خطابه التاريخي بطنجة٬ الذي أعلن فيه للعالم أجمع إرادة الشعب المغربي وعزمه على المطالبة باستقلاله، معلنا أن المغرب متمسك بسيادته ووحدته وصون كيانه الوطني. وكان من آثار أحداث 7 أبريل 1947، الدعوة إلى تنفيذ إضراب عام بالمدن المغربية٬ واستعدت فعاليات المجتمع لتقديم العون والدعم للأسر المتضررة٬ وتعزيز المواقف المنددة بالاحتلال الأجنبي وشجب مؤامراته التي أودت بحياة الأبرياء وروعت المواطنين٬ غير أن هذه الأحداث المؤلمة زادت في تأجيج الروح الوطنية٬ وإذكاء مشاعر النضال الوطني لإنهاء الوجود الاستعماري٬ وإصرار العرش والشعب على مواصلة الكفاح٬ خاصة إثر إقدام السلطات الاستعمارية على نفي جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته الكريمة يوم 20 غشت 1953، إلى المنفى السحيق٬ ولم تهدأ المقاومة إلا برجوع السلطان الشرعي حاملا لواء الحرية والاستقلال. وأكدت المندوبية السامية٬ بالمناسبة٬ أن أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير وهي تخلد ذكرى الأحداث الأليمة ليوم 7 أبريل 1947، لتتوخى استحضار ملاحم الكفاح الوطني والتضحيات الجسام التي قدمها الشهداء والمقاومون الأماجد والإشادة ببطولاتهم والتعريف بإسهامات جميع شرائح المجتمع المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد٬ في سبيل الدفاع عن المقدسات الدينية والثوابت الوطنية واستلهام ما تزخر به هذه الملاحم البطولية من رصيد القيم الوطنية والمثل الإنسانية وأمجاد وروائع الكفاح الوطني. وبهذه المناسبة٬ سيقوم وفد أسرة المقاومة وجيش التحرير٬ صباح غد السبت، بدرب الكبير بالدارالبيضاء٬ بالوقوف أمام اللوحة التذكارية المخلدة لذكرى شهداء هذه الأحداث بساحة 7 أبريل٬ والترحم على أرواح شهداء ملحمة الحرية والاستقلال والوحدة وفي طليعتهم جلالة المغفور له محمد الخامس، ورفيقه في الكفاح والمنفى جلالة المغفور له الحسن الثاني، قدس الله روحيهما. كما سيحتضن مقر عمالة مقاطعات الفداء - مرس السلطان مهرجانا خطابيا تلقى خلاله كلمات وشهادات لاستحضار دلالات ومعاني هذا الحدث التاريخي٬ وما يزخر به من قيم الوطنية والتضحية. وسيجري٬ بالمناسبة نفسها٬ تكريم صفوة من نساء ورجال الحركة الوطنية وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير (15)٬ كعربون وفاء وبرور وعرفان بجليل أعمالهم وسابغ مواقفهم وملاحمهم البطولية في مسيرة الكفاح الوطني.