علمت "المغربية" من مصادر مطلعة أن عمال مقاولة سورية متخصصة في حفر الآبار العميقة، فوجئوا، عند حفر ثقب مائي في دوار الصغوريين بجماعة سيدي يحيى، بدائرة غفساي، إقليم تاونات، بانبعاث النيران من عمق الثقب المائي بدل المياه بعد أن تجاوز الحفر عمق 80 مترا، إذ تصاعدت ألسنة اللهب من جوف البئر وعلت فوهته، بشكل مفاجئ، ما أصاب من عاينوا هذا الحادث بالذهول. ووقع الحادث ليلة الاثنين الماضي وصبيحة أول أمس الثلاثاء، واستمر تصاعد ألسنة النيران من جوف البئر طيلة الليل وعلى مدى حوالي تسع ساعات، قبل إخمادها بصعوبة إثر تدخل عناصر الوقاية المدنية، مدعومة بالعشرات من السكان المحليين، بوضع صفائح حديدية وأتربة على فوهة البئر واستعمال مادة إطفاء من طرف رجال الوقاية المدنية التابعة لمركز الوردزاغ ومدينة تاونات، واستمر خروج النيران من تحت أكوام الأتربة ساعات قبل أن تخمد. وانتقلت "المغربية" إلى الموقع وعاينت شاحنة مجهزة بآليات حفر الثقوب المائية لحقت بها أضرار بالغة جراء ألسنة النيران التي امتدت إليها، إذ تعرضت عجلاتها وأنابيب ومحرك الحفر إلى التلف، فيما بقيت آلية الحفر عالقة داخل البئر، ولم يتأت إنقاذ الشاحنة إلا بعد قطرها بجرار بعيدا عن البئر، كما ظهرت الأتربة التي ردمت فوق فوهة البئر، وقد تأثرت بفعل احتراقها بألسنة اللهب، وتحول موقع الحادث إلى مزار لعدد كبير من الناس الذين تجمهروا حول البئر لاستطلاع الأمر، وتضاربت وجهات نظرهم في تفسير الظاهرة، بين من يرجعها إلى وجود بترول أو غاز طبيعي. وانتقل عامل إقليم تاونات إلى المكان، أول أمس الأربعاء، للوقوف على حقيقة هذا الحادث، فيما سبقه إلى الموقع أفراد السلطة المحلية، وعناصر الدرك الملكي الذين ضربوا طوقا على البئر ومنعوا المواطنين من الاقتراب منه، تجنبا لوقوع حوادث، وكتدبير احترازي خوفا من أن تعاود النيران الظهور، وذلك في انتظار وصول فريق متخصص من وزارة الطاقة والمعادن والماء، لمعرفة مصدر النيران ولإيجاد تفسير لها. وفي تصريح ل"المغربية"، قال مالك البئر "بعد أن وصلت آلة الحفر إلى عمق 80 مترا ولم نعثر على الماء، توقفنا عن الحفر، وبعد أن لاحظنا تصاعد البخار وسمعنا صوتا ينبعث من قعر البئر، أقنعني صاحب آلة الحفر بمواصلة الحفر، مؤكدا لي أن البخار والأصوات علامة على وجود الماء، وبعد مواصلة عملية الحفر، خرج لهب النار من قاع البئر بشكل فاجأنا ولم نصدقه". وأضاف أن ألسنة النيران علت فوهة الجب بأكثر من خمسة أمتار، دون أن يتمكنوا من إطفائها رغم وضع الصفائح الحديدية على فوهة البئر وردمها بالأتربة ورشها بالماء، إلى أن حلت عناصر الوقاية المدنية، التي استعصى عليها أمر التغلب على ألسنة اللهب. وفي حديثة ل"المغربية"، وصف المشرف على مقاولة الحفر، وهو سوري الجنسية، هذا الحادث بالأول من نوعه الذي يصادفه، وقال "أحيانا تنطلق شرارة النيران عند الحفر بفعل قوة الاحتكاك بين فأس الحفر والصخور، وقد تنبعث الأدخنة جراءه، لكن أن تندلع النيران وتتواصل على مدى ساعات، فلم يحدث أن صادفت مثل هذا الأمر من قبل، خلال حفر العشرات من الآبار".