خصص المؤتمر 29 الوطني للجمعية المغربية للعلوم الطبية، الذي احتضنته مدينة الدارالبيضاء، حيزا مهما للنقاش حول الدواء وسبل ضمان الولوج إليه من قبل جميع الفئات والشرائح الاجتماعية بمشاركة العديد من الأطباء من مختلف التخصصات، وناشطين جمعويين في المجال الصحي، وصيادلة، وممثلين عن وزارة الصحة. ودعا المتدخلون إلى سن سياسة جديدة، وإصدار قوانين أخرى لضمان جودة الدواء الجنيس، والتأكيد على ضرورة احتوائه على جميع المعايير والشروط الموجودة في الأدوية الأصلية، لإعادة الثقة في الدواء الجنيس، وتشجيع المريض على استهلاكه. وقال عبد الإله الشنفوري، عضو الجمعية المغربية للعلوم الطبية، إن المغرب يعرف أعدادا متنوعة من الأدوية الجنيسة لتركيبة دوائية واحدة، ما يجعل الطبيب في حيرة من أمره، إذ تصل إلى 36 نوعا من تركيبة "الأموكسيسيلين"، على سبيل المثال، ما يعسر على الطبيب تذكر جميع الأسماء التجارية للدواء. واعتبر متدخل آخر أن عددا قليلا جدا من الأدوية الجنيسة في المغرب لا تتوفر على المعادلة، ما يستدعي توفير قوانين جديدة لتعزيز المراقبة، وضمان احترام المعايير في التصنيع، إلى جانب افتقاد المغرب نشرات شهرية حول تقييم أدوية الجنيريك المسوقة، لإبعاد المفتقدة إلى الفعالية. وشدد على أن الطبيب غير مجبر على وصف الدواء الجنيس، وإنما مطالب بوصف الدواء الذي يجد أنه مناسب لمريضه، مبررين تعثر استهلاك الدواء الجنيس بعدم استشارة الطبيب في اجتماعات وقرارات الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، قبل الإقرار بالتعامل بالجنينريك، والأمر نفسه بالنسبة إلى "الكنوبس". وناقش اللقاء ضرورة ضبط توزيع الأدوية، عموما، خلال القوافل أو الحملات الطبية وفي المخيمات، إذ يجهل مصير كميات الأدوية المتبقية، التي غالبا ما تمنح للجمعيات المحلية، مع إمكانية تعرضها للتلف في التخزين أو معاودة استعمالها دون الانتباه إلى انتهاء صلاحيتها. وفي إطار التشديد على ضمان الولوج إلى الأدوية، أثيرت مسألة عدم الاهتمام بالأدوية التي تعرف نفاذا في مخزونها، ووجود أدوية ظلت مرتفعة الثمن، رغم مرور 20 سنة، على اختراعها، الأمر المنافي للقانون. من جهة أخرى، نفى فريق آخر من المتدخلين، وأغلبهم من مصنعي الأدوية، أن يكون سعر الدواء هو الحائل دون ولوج المرضى إليه، وذكروا عوامل أخرى، منها ضعف القدرة الشرائية للمواطن، وعدم تمتعه بتغطية صحية إجبارية، داعين إلى تسريع وتيرة إخراج مشروع المساعدة الطبية (راميد)، باعتباره مشروعا مجتمعيا يسهل الولوج إلى العلاج والتداوي. وأكد اللقاء على مساهمة ارتفاع الرسوم والضرائب المفروضة على استيراد الأدوية في وجود أدوية مرتفعة الثمن. ودعا المتدخلون إلى الاستقصاء حول أسباب ارتفاع استهلاك الأدوية مرتفعة الكلفة، بينما لا تستهلك الأدوية الجنيسة، التي لا تتعدى نسبتها 30 في المائة، بينما تصل النسبة إلى 70 في المائة في دولة مثل الولاياتالمتحدة، ما يستدعي التفكير في وضع سياسة دوائية لتسهيل الولوج إليه. كما تحدث متدخل آخر عن ضرورة إبعاد الشبهات حول الدواء الجنيس، تبعا إلى أن صناعة الدواء في المغرب مشهود لها بالجودة والفعالية، وأن العمل به وطنيا يعود إلى 50 سنة. واعتبر المتدخلون أن الولوج إلى الدواء ما هو إلا جزء بسيط من شروط تحسين الصحة، إلى جانب توفير البنيات التحتية للولوج إلى الطبيب، من خلال رفع العوائق الجغرافية والتنقل في المناطق البعيدة، وجعل كلفة التحاليل البيولوجية والفحوصات الاشعاعية أكثر تشجيعا، والولوج إلى المعدات والأجهزة الطبية. وخلص المشاركون إلى ضرورة تشكيل لجنة موسعة، تضم مختلف الفاعلين والمعنيين بموضوع الولوج إلى الدواء، ومنه الجنيريك، وصياغة توصيات ترفع إلى وزير الصحة، ورئيس الحكومة لاتخاذ التدابير الضرورية. ومن بين التوصيات الأولية، رفع ميزانية الوزارة إلى ما بين 8 إلى 9 في المائة من الميزانية العامة للدولة للتغلب على مختلف إكراهات القطاع.