يحيي العالم اليوم العالمي لأمراض الكلي، للتذكير بمآسي المصابين بالفشل الكلوي، ومعاناتهم بحثا عن حياة جديدة، بواسطة زرع كلية سليمة للتخلص من قساوة غرف تصفية الدم. وتخصص جمعية "كلي" هذا اليوم لأنشطة مركزة، للوقوف على المشاكل الصحية للأطفال المصابين بالقصور، الذين "توقف" آليات تصفية الدم مسار حياتهم العادي، فتضطرهم إلى مغادرة حجرة الدرس مبكرا، وأكثرهم حظا، يتابعون تعليمهم تحت ضغوطات متنوعة، يغيبون عن القسم مرات متكررة خارج أي تفهم من المحيط المدرسي. ويبلغ عدد المغاربة المصابين بأمراض الكلي قرابة مليون شخص، ضمنهم 10 آلاف حالة قصور كلوي، 3 آلاف منهم مسجلون في لائحة الانتظار للاستفادة من خدمات التصفية (الدياليز)، بينما لا يتعدى عدد المستفيدين من هذه التقنية حوالي 7 آلاف، يلجأون إلى 165 مركزا لتصفية الدم، 62 منها تابعة لوزارة الصحة. ويشهد المغرب، سنويا، ظهور ألف إصابة جديدة بالقصور الكلوي في حاجة إلى علاج بتصفية الدم، ضمنها 100 حالة من الأطفال الصغار، أغلبهم يتوفون بسبب المرض وإكراهات الولوج إلى العلاج والأدوية، أمام ضعف فرص الاستفادة من زراعة الكلية. ويتحمل المرضى 850 درهما عن كل حصة تصفية، بمعدل 3 حصص في الأسبوع، مدة كل واحدة منها 4 ساعات، ما يضطر المرضى إلى وقف نشاطاتهم المهنية أو التعليمية. وتحدثت أمال بورقية، رئيسة جمعية "كلي" في لقاء صحافي، نظم، أول أمس الاثنين، بالدارالبيضاء، بمناسبة اليوم العالمي لأمراض الكلي، الذي ينظم كل ثاني خميس من مارس سنويا، عن تأخر زراعة الكلي في المغرب، رغم نجاح أول تجربة سنة 1986، موضحة أن المغرب يفتقر إلى سجل مفصل ودقيق حول هذه العمليات، كما يفتقر إلى معلومات حول مصير المستفيدين منها، ومآل المتبرعين بكليهم. وعبرت بورقية عن أسفها لهذا التأخر، رغم أن زراعة الكلي تبقى العلاج الأمثل لمرضى القصور الكلوي المعالجين بتصفية الدم، لأنها تتيح للمريض أمل العودة لممارسة حياته اليومية والاجتماعية بشكل عاد، وتخفف الأعباء الاقتصادية على المجتمع والمريض. وعبرت بورقية، وهي اختصاصية في علاج وجراحة الكلي، عن أسفها للصعوبات التي تواجه الأطفال المصابين بالقصور الكلوي لاستفادتهم من زراعة الكلي، موازاة مع ضعف مراكز التصفية الخاصة بالأطفال، إذ لا يتوفر المغرب سوى على وحدة بمستشفى ابن سينا بالرباط، بينما لم ينطلق العمل في وحدة مستشفى ابن رشد في الدارالبيضاء بعد، لعدم استكمال شروط انطلاقة العمل، لغياب الموارد البشرية والتجهيزات الأساسية. وأوضحت بورقية أن المغرب مطالب باعتماد استراتيجية وطنية واضحة المعالم، لمكافحة التبعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للقصور الكلوي، ودعوة رجال الدين إلى لعب دورهم في التحسيس بأهمية التبرع بالأعضاء، وكل الفاعلين، كل من موقع مسؤوليته، مع اعتماد الشفافية في التعريف بمساطر التسجيل ضمن سجلات التبرع بالأعضاء. وأكدت بورقية ضعف الاستفادة من عمليات زرع الكلي في المغرب، لأسباب ثقافية واجتماعية، ما يجعل النساء أكثر المتبرعات بكليهن في المغرب لذويهن المرضى من الرجال، بينما لا تحظى النساء بالخطوات نفسها. وأشارت بورقية، إلى وجود معيقات متنوعة، منها ضعف عدد الأطقم الطبية المراكمة لتجربة في مجال زراعة الكلي، وضعف التقنيات اللوجستيكية والظروف المناسبة المسهلة لنقل الأعضاء من الميت دماغيا إلى شخص حي. كما ركزت بورقية على الحاجة إلى ضمان فريق عمل محايد مكلف بتسجيل مرضى الفشل الكلوي المرشحين للاستفادة من زرع الكلي، وفق شروط علمية وأخلاقية محددة، تدرج عوضا عن توكيل المهمة لمصلحة طبية معينة، لضمان الحياد والشفافية وإتاحة الفرص أمام الجميع. وتخلد جمعية "كلي"، اليوم العالمي لأمراض الكلي، هذه السنة، بالتركيز على التحسيس بأهمية زراعة الكلي والتبرع بها، وتنظيم أنشطة متنوعة، منها تنظيم خرجة ترفيهية لفائدة الأطفال المصابين بالفشل الكلوي، للترويح عنهم ومنحهم فرصة عيش لحظات مختلفة، بعيدا عن غرف تصفية الدم، مع دعوة المرضى البالغين إلى الحضور لسهرة يحضرها عائلات المصابين لتبادل الأفكار والتعارف في ما بينهم. وتحتفي الجمعية بإطلاق أول موقع الكتروني مغربي حول أمراض الكلي، (www.reins.ma) يقدم أفكارا ومعلومات وخدمات حول المرض، ويتيح إمكانية تبادل الأفكار وطرح الأسئلة التي تشغل بال المرضى، في محاولة لتأسيس أرضية للتواصل بين الطبيب والمريض، أو المواطن العادي.