أعطت الفنانة الأمازيغية، الشريفة، درسا لمنظمي مهرجان فاس للموسيقي العريقة، لأنها أبلغتهم رسالة عميقة بدارجة بسيطة، وبعفوية كبيرة، مفادها أن الأمازيغية لها روح خاصة بها، لأن الفنان الأمازيغي على علاقة مستمرة بالطبيعة وهذا ما يمنحه بعدا روحيا، فكثير من الأغاني الأمازيغية، لو ترجمت، لاكتشف غير متقني هذه اللغة أبعادها الروحية والفنية. وأضافت الشريفة، في أول ندوة صحفية نظمتها "مؤسسة روح فاس" مساء أول أمس الأربعاء بالرباط، للتعريف ببرنامج الدورة المقبلة من المهرجان، بكثير من الحسرة أن "الأجانب يكلفون أنفسهم عناء ترجمة أشعارنا الأمازيغية، في حين، أن العديد من المغاربة لهم أفكار مغلوطة عن تراثهم الأمازيغي". هذه الرسالة العفوية الموجهة إلى مهرجان من أعرق مهرجانات المغرب، لها أكثر من دلالة، لأن دورته 18 ستنظم بين 8 و16 يونيو المقبل، تحت شعار "تجليات الكون"، وستحتفي بالشاعر الفارسي الكبير، عمر الخيام، المترجمة أشعاره إلى كل لغات العالم، والمغناة من قبل أشهر المطربين العرب، في حفل افتتاحي تكريمي من إنتاج المهرجان، وإخراج طوني كاتليف، أحد أشهر مخرجي السينما الموسيقية في العالم، سيشارك فيه فنانون من جغرافيات متعددة، تمثل حوار الشرق والغرب. وإذا كان لهذا الشاعر مكانة كبيرة، وسيعطي للمهرجان دفعة قوية، فإنه كان من الأجدر بمنظمي المهرجان الاحتفاء بالتراث المغربي، وعلى رأسه التراث الأمازيغي، الذي يخصصون لثقافته مهرجانا سنويا، لكنه لا يسوق مثلما يسوق مهرجان فاس للموسيقى العريقة، الذي حقق شهرة عالمية، وكان من الممكن أن يكون جسر وصل بين التراث المغربي العريق وبين العالمية. وتتواصل أيام المهرجان، كما أعلن المنظمون، ببرمجة غنية ومتنوعة تشارك فيها النجمة الأمريكية والصوت الأسطوري للموسيقى الشعبية، جون بيز، والفنانة الإسلندية بيورغ، التي ستقدم عملها الأخير "بيوفيليا" المستوحى من البيئة والطبيعة. وتنازلت الفنانتان، كما قال فوزي الصقلي، مدير المهرجان، عن جزء من تعويضهما للحضور في هذه التظاهرة، التي تتراوح ميزانيتها بين 18 و20 مليون درهم. كما تشارك في السهرات الأساسية للمهرجان كل من هنغاريا، بمجموعة "جيسي باغانيتي"، والولايات المتحدة، بعازف الجاز الشهير أرشي شيب، الذي سيقدم معزوفات مستقاة من جذور البلوز والغوسبيل، ومصر، بأناشيد صوفية من الصعيد للشيخ ياسين التهامي، ولبنان وتونس، بحفل تكريمي لوديع الصافي يشارك فيه لطفي بوشناق، وأناشيد صوفية من الهند، لموختيار علي، وسماع ومديح من الشرق والغرب، وبلاد السند، ورقصة الكاتهاك الهندية. وفضلا عن الجانب الموسيقي، الذي سيشارك فيه فنانون مغاربة في ليالي المدينة، بينهم الشريفة، تتواصل تجربة "منتدى فاس"، الذي ينظم هذا العام تحت شعار "روح للعولمة"، من خلال ندوات تتناول قضايا راهنة، على رأسها الربيع العربي من سؤال: بعد الربيع العربي: أي مستقبل؟، وأزمة مالية أم أزمة حضارية؟، والمقاولة والقيم الروحية، والشاعر والمدينة.