توجد أمام الحكومة الجديدة برئاسة عبد الإله بنكيران، التي نصبها جلالة الملك محمد السادس، أول أمس الثلاثاء، العديد من الملفات والتحديات الكبرى ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فضلا عن أوراش كبرى جرى إطلاقها في عهد الحكومة السابقة، ويتعين عليها مواصلة الاشتغال عليها. تسليم السلط بين عباس الفاسي وعبد الإله بنكيران (ماب) ولعل أكبر تحد سيكون مطروحا أمام حكومة عبد الإله بنكيران هو مواجهة انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، خاصة تداعيات أزمة الديون في الاتحاد الأوروبي، الشريك الرئيسي للمغرب. والتحدي الثاني، الذي سيكون على الحكومة الجديدة مواجهته هو وضع خريطة طريق ابتداء من القانون المالي لسنة 2012، تمتد إلى نهاية الولاية التشريعية الحالية، بهدف تنشيط الاقتصاد الوطني، ورفع وتيرة أدائه، بتحفيز النمو ليتجاوز عتبة 5 في المائة التي ظل يسجلها خلال السنوات الأخيرة، والوصول به إلى نسبة 7 في المائة كما جاء في البرنامج الانتخابي لحزب العادالة والتنمية، الذي يقود الحكومة. وكان عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب أعلن، أخيرا، أن التوقعات بخصوص السنة المالية لسنة 2011، جرت إعادة النظر فيها، إذ جرت مراجعة نسبة النمو المتوقعة لتتراوح بين 4 في المائة، و5 في المائة عوض 4,5 في المائة إلى 5,5 في المائة كما كان متوقعا. كما سيكون على الحكومة الجديدة مواجهة ملف التضخم، الذي سجل ارتفاعا بنسبة 0,5 في المائة في شهر نونبر الماضي، ما جعل بنك المغرب يتوقع ارتفاعا في نسبة التضخم لسنة 2011، ب 1,3 في المائة، ليرتفع إلى 1,5 في المائة في 2012. كما سيكون عليها الانكباب على الحيلولة دون تفاقم العجز المالي، الذي بلغ خلال السنة 5,7 في المائة من الناتج الداخلي الخام. ومن بين الملفات الاقتصادية الثقيلة المطروحة أمام الحكومة، التي تتطلب معالجة عاجلة ملف الميزان التجاري الذي يهدد بشكل جدي الحسابات الخارجية للدولة، ذلك أنه رغم النمو القوي للصادرات منذ 2007، فإن العجز التجاري بلغ في أكتوبر 2011، ما يساوي 152 مليار درهم، وهو المستوى نفسه، الذي كان عليه في 2010. كما أن مستوى الاحتياطي من العملة الصعبة لا يتجاوز 5 أشهر ونصف الشهر، من الواردات مقابل ثمانية أشهر في 2007. وسيكون على الحكومة الجديدة، أيضا، تحسين مناخ الأعمال لجلب الاستثمارات في سياق دولي متسم بأزمة نقدية عالمية، وفي مناخ إقليمي يتسم بعدم استقرار ناجم عن "الربيع العربي"، ومواصلة المجهودات التي بذلت في إطار مخطط الإقلاع الصناعي، وتسريع إخراج التدابير التي أتى بها ميثاق الإقلاع الاقتصادي، وتقوية الحكامة الجيدة والشفافية في الأعمال وتحسين التنافسية. ملف آخر لا يقل أهمية، على الحكومة الانكباب عليه، هو ملف ذو طابع اجتماعي، ويخص إصلاح نظام الدعم المتمثل في صندوق المقاصة، الذي ارتفعت المخصصات التي رصدتها له الدولة في إطار الإجراءات الخاصة بدعم القدرة الشرائية للمواطنين، إذ بلغت هذه المخصصات 134 مليار درهم خلال الفترة ما بين 2007 و2011، لتصل بذلك الفاتورة السنوية المخصصة لنفقات الدعم إلى حوالي 45 مليار درهم. (و م ع)