تقدر نسبة المغاربة المصابين بأمراض المناعة الذاتية والجهازية بحوالي 8 في المائة، أغلبهم من النساء، إذ يشكلن 80 في المائة من المصابين حسب ما كشفه يوم دراسي، نظمته الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والأمراض الجهازية، يوم السبت المنصرم، في كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء. ويصيب هذا النوع من الأمراض أكثر من 7 في المائة من سكان العالم، ويعتبر ثالث سبب للوفيات، بعد السرطانات وأمراض القلب والشرايين. وتتعدد أمراض المناعة الذاتية والجهازية المكتشفة في المغرب، وأكثرها تتسبب في الإجهاض المتكرر لدى الحوامل المصابات بأحد أمراض الجهاز المناعي، ما ينتج عنه فشل متكرر للحمل، أو توقف الحمل بشكل مفاجئ، أو وفاة الجنين عند الوضع. ويفتقر المغرب لسجل وطني، يضبط عدد الإصابات، إلا أن الاختصاصيين يستندون إلى الإحصاءات العالمية، وأشهر هذه الأمراض، هو التهاب الغدة الدرقية، الذي يصيب امرأة من 10 نساء، أما الإصابة بالمناعة الذاتية الجهازية، فتصيب 1 في المائة من الأشخاص، مثل الروماتيزم الرثياني. وقالت خديجة موسيار، الرئيسة المؤسسة للجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والأمراض الجهازية، في تصريح ل"المغربية"، إن النساء هن الضحية الأولى لأمراض المناعة الذاتية، إذ تكتشف إصابة امرأة من بين 10 نساء، مصابات بأحد أنواع أمراض المناعة الذاتية، التي تشمل 100 مرض مزمن، من بينها مرض الذئبية الحمراء وبعض أمراض الغدة الدرقية وبعض الأمراض الروماتيزمية والأمراض الجلدية. وذكرت موسيار، الاختصاصية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة، أن هذه الأمراض تتسبب في مشاكل في الإخصاب والحمل وفشل الحمل، كما تتسبب للجنين في مشاكل في بطن أمه أو عند الوضع، ولذلك اختير شعار "المرأة في صميم أمراض المناعة الذاتية". إجهاض متكرر من جهتها، قالت نادية مزيان، الاختصاصية في أمراض النساء والتوليد، ل"المغربية"، إن أمراض المناعة الذاتية تتسبب في الإجهاض المتكرر، بنسبة 3 محاولات حمل فاشلة، ويهم ذلك ما بين 1 إلى 2 في المائة من المصابات بهذا النوع من الأمراض، وعلى رأسهن المصابات بالذئبية الحمراء، ما يستدعي، في بعض الحالات، تنبيه الزوجين إلى تفادي الحمل، لدرء التعرض لمضاعفات المرض، مادام الداء نشيطا ولم يسيطر عليه بعد، بينما يظل اقتراح الإجهاض، بعد اكتشاف الحمل، قرار صعبا، في ظل عدم توفر قانون يضبط هذه العملية، ما عدا في حالات خاصة. وأشارت مزيان إلى إمكانية التشخيص والعلاج، بالخضوع لتحاليل مخبرية دقيقة، ومراقبة طبية مناسبة على أيدي اختصاصيين، ولذلك فإن المصابة بمتلازمة "شوغرين" أو الذئبية الحمراء، مطالبة بالخضوع لمراقبة خاصة لقلب الجنين. وأبرزت المداخلات في اليوم الدراسي أن العديد من هذه الأمراض المناعية والجهازية، يظل غير معروف لدى عموم الناس، وهي أمراض يهاجم خلالها الجسم نفسه بنفسه باستخدام آليات جهاز المناعة، المسؤول عن حماية الجسم من الهجمات الخارجية، سواء كانت جراثيم أو فيروسات. وترتبط هذه الأمراض بخلل يجعل الجسم غير قادر على معرفة مكوناته، بسبب قصور خلايا الجهاز المناعي عن التعرف على خلايا الجسم، وعن تعطل احتمال آليات جهاز المناعة لمكونات الجسم، لسبب أو لآخر، حينها، يعمل الجسم على تركيب أجسام مناعة، تسمى الأجسام الضدية، التي تهاجم أعضاء الجسم، من الخلايا والأنسجة عن طريق الخطأ، مخلفا أضرارا في وظيفتها. ما يوازي 100 نوع مرضي يوجد أكثر من 100 مرض مناعي ذاتي معروف، يمكن تصنيفها إلى قسمين، هي أمراض المناعة الذاتية المركزة، التي تصيب عضوا واحدا فقط، وتسمى أمراض المناعة الذاتية الخاصة بعضو، ثم أمراض المناعة الذاتية، التي تصيب أجهزة مختلفة، مثل الكبد والكلية والمفاصل والخلايا والدم والدماغ والقلب، وتدعى أمراض المناعة الذاتية الجهازية. ويمكن أن يمس النوع الأول الغدة الدرقية، أو يصيب بعض خلايا الكريات الحمراء والصفائح، ولذلك يصنف البرص، أو البهاق، ضمن أمراض المناعة الذاتية. أما متلازمة "شوغرين"، فتتميز بنقص في إفرازات الجسم، على مستوى العين واللعاب، ومن الممكن أن تصيب المفاصل والجلد والجهاز العصبي. ومن أهم أعراض هذه الأمراض، حدوث التهابات في المفاصل، وظهور علامات جلدية تختلف من مريض لآخر، وظهور علامات وبقع جلدية، قد تكون حمراء أو بنية، حسب كل حالة مرضية، وتظل الأسباب متنوعة، على رأسها الاستعداد الوراثي للإصابة بهذه الأمراض. وورد في المداخلات العلمية أن الكشف عن هذه الأمراض أضحى ممكنا، بإجراء تحاليل مخبرية دقيقة جدا، والتعرف على التاريخ المرضي للشخص وعائلته، ليسهل التشخيص ووصف العلاجات المتوفرة، وعلى رأسها مضادات الالتهاب، إلا أن العلاج الجوهري الصحيح يظل هو المتابعة، بينما توصف في أمراض أخرى حمية غذائية، مثل حمية دون غلوتين في حالة الإصابة بداء الزلاقي، أو ما يعرف بالحساسية تجاه القمح والشعير.