بعد منافسة طويلة بين مجموعة من الدول الأوروبية والعربية، تحتضن مدينة مكناس من 23 إلى 27 أكتوبر الجاري، المؤتمر الحادي عشر للجنة الدولية للحفاظ على الفسيفساء بموقع وليلي الأثري سنة 2011. موقع وليلي الأثري (خاص) وذكر بلاغ للجنة الدولية للحفاظ على الفسيفساء ووزارة الثقافة، أن المؤتمر سيطرح للنقاش مواضيع تتصل بتدبير الفسيفساء بالمواقع الأثرية، من حيث المشاكل التي يثيرها والحلول العملية الممكنة لحل تلك الإشكالات. وقال رشيد بوزيدي، محافظ وليلي رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن اللجنة الدولية للحفاظ على الفسيفساء اختارت المغرب، خلال اجتماعها الأخير المنعقد بروما، لاحتضان الدورة 11 بالإجماع من طرف كل الأعضاء، رغم المنافسة القوية لمجموعة من البلدان مثل (البرتغال، وسوريا، ومالطا)، مضيفا في حديث إلى "المغربية" أن اللجنة قبلت الملف المغربي للسمعة الطيبة التي تحظى بها بلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وللقيمة العلمية للموروث الثقافي والطبيعي المغربي. وأبرز بوزيدي أن اللجنة، المكونة من ميكايلديس ديميتريوس رئيس ICCM ونائبه روبيرطو ناردي، عبرت عن دعمها الكامل للمغرب، خلال زيارتها للرباط، ووليلي، ومكناس، وفاس، حيث أجرت لقاءات تقنية ورسمية مع الكاتب العام لوزارة الثقافة، أحمد كويطع، ومدير التراث الثقافي عبد الله صالح، مشيرا إلى أنه قام، أخيرا، بسلسلة من الاجتماعات في روما مع المدير العام لمركز "الإكروم" التابع لليونسكو، وممثلة معهد الغيتي، الذي يوجد مقره بلوس أنجلس بالولايات المتحدةالأمريكية، ومدير البرنامج الدولي "آثار" الخاص بالدول العربية، ومسؤولة برنامج "موزايكوم" الخاص بالبحر الأبيض المتوسط، وأعضاء من المجلس الإداري للجنة الدولية للحفاظ على الفسيفساء ICCM. وبخصوص الاستعدادات للمؤتمر، أكد بوزيدى، أنها تجرى في ظروف جيدة للغاية، خصوصا بعدما تأكد تكفل معهد "الغيتى" الأمريكي بمصاريف الترجمة الفورية، خلال المؤتمر من الإنجليزية والفرنسية إلى العربية، وتخصيص 43 منحة دولية لخبراء بعض الدول العربية والدول السائرة في طريق النمو من المشاركة في المؤتمر، كما تأكد، حسب بوزيدي، أن اللجنة الدولية للفسيفساء ستتكلف بمصاريف حفل عشاء وضمان 50 في المائة من مصاريف نشر أعمال وأشغال المؤتمر، كما ستؤمن عدة أجهزة ومنظمات ومختبرات عالمية، مصاريف الإقامة والنقل الدولي لخبرائها. وسيركز المؤتمر، الذي تنظمه اللجنة الدولية لصيانة الفسيفساء، ووزارة الثقافة، ومحافظة موقع وليلي الأثري بدعم بدعم من المركز الدولي لدراسة صون الممتلكات الثقافية وترميمها التابع لليونيسكو، ومؤسسة "غيتي" بلوس أنجلس وجامعة قبرص، بالخصوص، على شروط المحافظة على الفسيفساء وتحديد أولويات التدخل واختيار الحلول الملائمة والمستدامة وتقييم المشاكل المطروحة والحلول المقترحة من وجهة النظر الأركيولوجية، وكذا تكوين الأطر المكلفة بصيانة الفسيفساء من تقنيين ومحافظين وغيرهم. ومن المنتظر أن يجلب المؤتمر، حسب بوزيدي، عددا كبيرا من خبراء الفسيفساء بالعالم لم يسجل خلال كل المؤتمرات الدولية السابقة، وسيمكن المؤتمر بلادنا من فرصة متجددة للإشعاع الدولي والتعريف بموروثنا الثقافي والمجهودات، التي تبذل للحفاظ عليه وتنميته، فضلا عن تبادل التجارب والتقنيات المتعلقة بترميم الفسيفساء والحفاظ عليها وتوثيقها، ونشر أعمال وأشغال المؤتمر في كتاب جامع حول الفسيفساء، وتطوير آليات جديدة للترميم ورد الاعتبار لهذا الموروث الثقافي المشترك. وسيتميز هذا المؤتمر، الذي ينعقد كل ثلاث سنوات بحضور متخصصين وهيئات دولية وازنة في قطاع الحفاظ على التراث الثقافي، بتقديم عدة عروض خاصة بالمغرب ومجموعة من الدول، كما سيجري تجديد مكتب اللجنة الدولية، التي لها دور استشاري لدى أجهزة اليونسكو، خصوصا على مستوى الفسيفساء. وكان رشيد بوزيدى، قاد إلى جانب أعضاء وهيئة مؤثرين بهذه اللجنة من اليونان، وقبرص، وفرنسا، وإيطاليا، وتونس، وإنجلترا، والولايات المتحدةالأمريكية، حملة للترويج للملف المغربي لاحتضان المؤتمر وتنظيمه بموقع وليلى الأثري، موضحا أن عدة دول قدمت ترشيحها لتنظيم هذا اللقاء العلمي المهم بمدينة بالرمو بإيطاليا، خلال المؤتمر العاشر للجنة الدولية للحفاظ على الفسيفساء، الذي عقد في شهر أكتوبر 2008. يذكر أن مصطلح الفسيفساء يعود في أصوله إلى الكلمة اليونانية muses، التي يقصد بها آلهة الفنون والجمال والإلهام الفني التسعة اللواتي رافقن الإله أبوللو، وارتبط اسمهن لفظيا بكلمة mosaic وتعني الفسيفساء. وجدت أقدم فسيفساء في العالم في مدينة أولينثوس باليونان في القرنين الخامس والرابع ق.م، كما وجدت لوحات فسيفسائية قديمة في أوليمبيا وسوريا ومقدونيا، وبعد ذلك ظهرت الفسيفساء الرومانية، التي انتشرت في جميع أرجاء الإمبراطورية الرومانية، خصوصا في حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، في القرنين الأول والثالث الميلادي، وبعد ذلك شاع استعمال الفسيفساء، خصوصا في عهد الدولة البيزنطية، حيث حيث اتشرت بكثرة في بلاد الشام وروما وغيرها من الأقاليم التابعة لنفوذ الدولة البيزنطية. واستمر استخدام هذا الفن حتى قدوم الدولة الإسلامية، إذ قام الفنانون المسلمون باقتباس هذا الفن واستخدامه في زخرفة وتزيين المساجد والقصور، خصوصا بسوريا والأندلس والمغرب العربي.