يعقد المنتدى العربي للبيئة والتنمية مؤتمره السنوي في بيروت، ما بين 27 28 أكتوبر المقبل. ويناقش المؤتمر تقرير وضع البيئة العربية لسنة 2011، موضوعه هذه السنة "الاقتصاد العربي الأخضر"، الذي أعده المنتدى بالتعاون مع أبرز الخبراء العرب. شبح المياه في العالم العربي من المواضيع التي سيناقشها المنتدى (أرشيف) ويطرح التقرير خيارات متنوعة للتطور الاجتماعي والاقتصادي، مع الحفاظ على التوازن الطبيعي واستدامة الموارد. ويشارك في المؤتمر أكثر من 25 متحدثا، بينهم أبرز الوزراء العرب المعنيين ورؤساء المنظمات والخبراء، كما يشارك فيه مسؤولون حكوميون ورؤساء شركات وأكاديميون من جميع أنحاء العالم العربي، وسيكون المؤتمر الحدث البيئي الأبرز في العالم العربي لسنة 2011. يشار إلى أن المنتدى العربي للبيئة والتنمية منظمة إقليمية غير حكومية لا تتوخى الربح، تضم في مجلس أمنائها أبرز القادة العرب في مجالات البيئة والتنمية المستدامة. قال نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية ببيروت، في حوار مع "المغربية" إن المؤتمر الذي سينظمه المنتدى العربي للبيئة والتنمية في أكتوبر المقبل سيرفع إلى قمة تغير المناخ في دوربان في جنوب إفريقيا نهاية السنة، وسنتابع دورة من النقاشات مع الحكومات العربية حول استنتاجات التقرير وتوصياته، تحضيراً لقمة ريو +20 في يونيو 2012، مضيفا أنه سيعمل على إعداد التقرير أكثر من 100 خبير وباحث في جميع أنحاء العالم العربي، إضافة إلى بعض الباحثين العربي العاملين في الخارج. فيما يلي الحوار نجيب صعب، الأمين العام للمنتدى العربي للبيئة والتنمية ببيروت. لماذا اختيار موضوع "الاقتصاد العربي الأخضر" للمؤتمر السنوي، الذي سينعقد ببيروت في الفترة بين 27 و29 أكتوبر المقبل؟ شهد العالم سنة 2008 انهياراً في الأسواق المالية وتراجعاً اقتصادياً لم يستثني منطقة في العالم، ومنها العالم العربي، وظهر جلياً أن الأنماط الاقتصادية، التي سادت خلال العقود الأخيرة، كانت بمثابة بيت من ورق، تداعت جدرانه عند أول عاصفة. والمعلوم أن الاقتصاد التقليدي اعتبر في مرحلة ما أن الموارد الطبيعية مشاع مفتوح ومجاني للاستثمار والاستهلاك من الذين يضعون أيديهم عليه، وفي أحسن الحالات جرى تسعير الرأسمال الطبيعي بأثمان بخسة. وإلى جانب هدر الموارد الطبيعية، شهد العالم، خلال العقود الثلاثة الأخيرة اندفاعاً كبيراً نحو ما نسميه "الاقتصاد الافتراضي"، وهو قائم على المضاربات العقارية والمالية والعمولات. حين حصل الانهيار الكبير عام 2008 في أسواق الاقتصاد والمال، اكتشف العالم أن أنماط الإنتاج والاستهلاك، التي أدت إلى هدر الموارد الطبيعية، لم تستطع حماية مؤسساتها من الانهيار. فكان جواب جماعات البيئة، الذين رفعوا، منذ سنوات، شعار التنمية المستدامة، أن الاقتصاد التقليدي القائم على الهدر سقط في جميع الحالات، فلماذا لا نبدأ نمطاً اقتصادياً جديداً يقوم على الاستثمار المتوازن في الموارد الطبيعية؟ بما يؤمن تطوير الثروة على أساس يضمن الاستمرار. العالم العربي لم يكن غريباً عن هذه التطورات العالمية، لذا قرر المنتدى العربي للبيئة والتنمية أن يكون التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر موضوع تقريره لسنة 2011. التقرير يطرح مجموعة من الأسئلة، يحاول الإجابة عنها في المؤتمر السنوي للمنتدى. من هذه الأسئلة: هل تستطيع أنماط التنمية التقليدية تطوير المجتمعات العربية وضمان رخائها واستقرارها وخلق وظائف منتجة لعشرات من الملايين العرب العاطلين عن العمل؟ هل لدى الدول العربية سياسات في التنمية الاقتصادية المستدامة لإدارة الموارد بما يضمن الأمن الغذائي والمائي؟ كيف تؤثر النشاطات الاقتصادية وتزايد السكان على الموارد الطبيعية في البلدان العربية؟ هل الدول العربية مؤهلة للتنافس في عالم يتجه نحو أنماط اقتصادية "منخفضة الكربون" تستجيب لتحديات تغير المناخ؟ هل يكون التحول إلى الاقتصاد الأخضر هو الحل؟ التقرير، الذي يطرح خيارات متنوعة للتطور الاجتماعي والاقتصادي مع الحفاظ على التوازن الطبيعي واستدامة الموارد، يغطي ثمانية قطاعات: الطاقة، والمياه، والزراعة، والنقل والمواصلات، والصناعة، وإدارة النفايات، والمدن والعمارة الخضراء، والسياحة، وهذه الأخيرة ستكون الموضوع الرئيسي للمؤتمر السنوي للمنتدى، الذي يعقد في بيروت في أكتوبر 2011، وبعد هذا، سيقدم التقرير إلى قمة تغير المناخ في دوربان في جنوب إفريقيا نهاية السنة، وسنتابع دورة من النقاشات مع الحكومات العربية حول استنتاجات التقرير وتوصياته، تحضيراً لقمة "ريو +20" في يونيو 2012، التي جرى تحديد الاقتصاد الأخضر كموضوع رئيسي لها. هكذا، فموضوع "الاقتصاد الأخضر" يأتي في الوقت المناسب، إن على مستوى المشاركة في المساعي العالمية، أو استجابة للتحولات في المنطقة العربية، حيث أن الاقتصاد الأخضر يدعم العدالة الاجتماعية ويخلق فرص عمل في عالم عربي متغير. من يعمل على إعداد تقرير "الاقتصاد الأخضر"؟ يعمل على إعداد التقرير أكثر من 100 خبير وباحث في جميع أنحاء العالم العربي، إضافة الى بعض الباحثين العرب العاملين في الخارج. المحرر الرئيسي للتقرير حسين أباظة، وهو الرئيس السابق لشعبة الاقتصاد والتجارة في برنامج الأممالمتحدة للبيئة، حيث عمل لفترة 25 سنة وكان ضمن الفريق الذي أطلق مبادرة الاقتصاد الأخضر العالمية عام 2008. ومن أجل إشراك أكبر عدد من المهتمين في صياغة التقرير، أقام المنتدى اجتماعات تشاورية لعرض مسودات الفصول ومناقشتها، في القاهرةوبيروت وعمّان، حيث شارك خبراء وأكاديميون ومسؤولون حكوميون وممثلون عن القطاع الخاص والمجتمع المدني. ويعمل المؤلفون والمحررون، حالياً، على إنجاز التقرير في صيغته النهائية. هل سيحضر المؤتمر خبراء أجانب في مجال البيئة إلى جانب الخبراء العرب؟ يشارك في المؤتمر مجموعة كبيرة من الخبراء الأجانب، إلى جانب العرب، إذ سيلقي وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذي لبرنامج الأممالمتحدة للبيئة آخيم شتاينر كلمة رئيسية، كما يحاضر الدكتور بارتا داسغوبتا، مؤسس نظرية الرأسمال الطبيعي الاقتصادي وأحد كبار الباحثين في جامعة كامبردج البريطانية. ويشارك المدير التنفيذي لمؤتمر ريو +20 بريس لالوند، وعدد كبير من رؤساء المنظمات الدولية. وعلى هامش المؤتمر، تعقد جلسة تشاورية يقدم فيها البنك الدولي مسودة تقريره عن الخطوات الواجب اتباعها لمواجهة تحديات تغير المناخ في الدول العربية. وتشارك أكثر من 50 شركة عالمية في فعاليات المؤتمر، لعرض وجهات نظر القطاع الخاص في بناء الاقتصاد الأخضر. ما هي المشاكل التي تعترض تنظيم هذه المؤتمرات الضخمة؟ تتميز المؤتمرات السنوية للمنتدى العربي للبيئة بأنها مخصصة في الجزء الأكبر منها، لعرض ومناقشة التقرير السنوي للمنتدى، الذي يكون جاهزاً عند انعقاد المؤتمر. هكذا يقوم المؤتمر على أساس متين، اذ يقدم فيه تقرير استغرق العمل على إعداده 18 شهراً، إذ أننا نبدأ إعداد التقرير المقبل بالتزامن مع عملنا على التقرير الحالي. لكن المؤتمر لا يقتصر على مؤلفي التقرير، إذ نعمل دائماً على استقطاب متحدثين من مناطق أخرى واختصاصات متنوعة لإغناء النقاش. ولا شك أن استقطاب التمويل لتغطية تكاليف التقرير والمؤتمر من أهم التحديات. لكن المشكلة الأكبر اليوم هي الأوضاع غير المستقرة في العالم العربي عامة، وهذا ينعكس على التخطيط واختيار المتحدثين الرسميين. فبعد بحث طويل وعرض للأوضاع العربية، استقر رأي مجلس الأمناء على عقد المؤتمر مرة أخرى في بيروت. لكننا نواجه بعض العوائق في دعوة مجموعة من القادة الى المشاركة في النقاشات، إذ أن الكثير من المسؤولين العرب حالياً يحملون صفة "سابق" أو أنهم في حالة "تصريف أعمال". فكأن العالم العربي يمر في مرحلة تصريف أعمال، هذا إذا أردنا التفاؤل في الوصف. لكن ما يقوم به المنتدى لا يمكن أن يتوقف، لأنه بعد كل الخلافات وما قد يحصل من تغيرات، على الناس أن يتنفسوا ويشربوا ويأكلوا. لذا لا مفر من الاهتمام بسلامة البيئة وتوازن الموارد. هل هناك مشاركة مغربية؟ من بين مؤلفي التقرير اثنان من المغرب، خبير إدارة المياه الدكتور حمو العمراني، وأستاذ الزراعة العضوية الدكتور بينصور علوي. كما تشارك في النقاش الدكتورة أسماء القاسمي، مديرة الأكاديمية العربية للمياه. والجدير بالذكر أن جريدة "المغربية"، وهي عضوة في المنتدى عن قطاع الإعلام، هي أحد الرعاة الإعلاميين للمؤتمر. ونأمل أن تكون هناك مشاركة مغربية رسمية رفيعة، بالنظر لأهمية طرح موضوع الاقتصاد الأخضر على المستوى الإقليمي بالتعاون بين جميع الأطراف. كما ندعو القطاع الخاص في المغرب الى المشاركة بكثافة، لما للمؤتمر من أهمية في تطوير أفكار استثمارية جديدة في الاتجاه الصحيح.