عاشت أحياء المدينة العتيقة لفاس، خلال الأيام الخمسة الماضية، وضعا كارثيا وغير مسبوق على مستوى تدبير قطاع النفايات المنزلية، بسبب الإضراب الذي يخوضه عمال النظافة بهذه الأحياء، فالأزبال متناثرة في كل مكان، والرائحة النتنة المنبعثة منها تهدد صحة سكان وزوار المدينة. وعلى إثر هذا الوضع، نظم سكان وتجار الأحياء المتضررة، أول أمس الثلاثاء، عدة أشكال احتجاجية، للتعبير عن استيائهم من تراكم الأزبال والنفايات أمام منازلهم ومتاجرهم. وعبر المواطنون بمقاطعتي فاسالمدينة وجنان الورد، عن سخطهم من استفحال أزمة النظافة، عبر تنظيم مسيرة حاشدة نحو مقر ولاية جهة فاس بولمان، وقاموا بوقفات احتجاجية بمختلف الأحياء المتضررة. فضلا عن طرح الأزبال بمداخل أحياء المدينة العتيقة لفاس وأزقتها وشوارعها لإثارة انتباه المسؤولين إلى هذا الوضع، ما جعل المدينة تبدو وكأنها مطرحا كبيرا للنفايات وهي القلب النابض للسياحة والرواج التجاري لمدينة فاس. وعاينت "المغربية" أكوام الأزبال في كل مكان بأحياء المدينة العتيقة لفاس، تنبعث منها الروائح النتنة، وخاصة بباب بوجلود، وأحياء سيدي بوجيدة، والطلعة الكبيرة والصغيرة، والبطحاء، وباب الفتوح. وانعكس هذا الوضع على الحركة التجارية والسياحية بالمدينة العتيقة لفاس، حيث اضطر العديد من التجار والحرفيين إلى إغلاق محلاتهم، بعد أن استعصى عليهم مقاومة الروائح الكريهة المنبعثة من أكوام الأزبال، وهجرهم السياح والزوار، الذين بمجرد ما يصلون لإحدى أبواب المدينة العتيقة يرجعون أعقابهم "هاربين"، حين يجدون أنفسهم وسط أكوام النفايات، التي تحاصرهم من كل مكان، وتنبعث منها روائح لا تطاق. وتحدث مواطنون في عين المكان ل"المغربية" عن أن عددا من السياح، الذين كانوا بصدد زيارة المدينة العتيقة لفاس، فضلوا العودة من حيث أتوا "بعد أن وجدوا أنفسهم أمام مزبلة"، على حد تعبير أحد التجار بالطلعة الصغيرة. وتبادل الفرقاء السياسيون بفاس الاتهامات في ما بينهم حول ما آل إليه الوضع على مستوى تدبير قطاع النظافة بأحياء فاس العتيقة، ففي حين تتهم الأغلبية المسيرة للمجموعة الحضرية لفاس المعارضة بتحريض عمال النظافة على الاحتجاج وتعطيل هذا المرفق العمومي المهم، تقول المعارضة إن عدة اختلالات تشوب قطاع النظافة على صعيد أحياء المدينة العتيقة لفاس، وتقول إنها تجهل حتى اسم الشركة التي فوض لها تدبير هذا القطاع الحيوي على صعيد مقاطعة جنان الورد ومقاطعة فاسالمدينة، اللتين تعانيان وحدهما من أزمة جمع النفايات، في حين لا تعرف باقي مقاطعات مدينة فاس هذا الإشكال، على اعتبار أن شركة أخرى هي التي تشرف على التدبير المفوض لهذا القطاع بهذه المقاطعات، وهي المجموعة المغربية الفرنسية لجمع النفايات.