وقف خمسة أعضاء من مريدي الزاوية البودشيشية، أول أمس الأحد، في إحدى زوايا الخيمة المنصوبة في شارع أبي شعيب الدكالي بمقاطعة الفداء، في مدينة الدارالبيضاء، يناقشون الترتيبات الأخيرة لنجاح المسيرة المؤيدة لمشروع دستور2001. فمنذ ساعات الصباح الأولى، بدأ المريدون يتوافدون على المكان المخصص لانطلاق المسيرة، قادمين من مختلف ربوع المملكة، إذ تحولت الخيمة إلى خلية نحل، حيث التأهب كان هو سيد الموقف بهذه الخيمة، فالحدث بالنسبة إليهم، لا يتحمل أي تقصير أو إهمال. أمداح نبوية بمجرد الاقتراب من الخيمة، تسمع الأمداح النبوية، لتدرك أن الأمر لا يتعلق بمسيرة عادية دعا إليها حزب، أو جمعية من المجتمع المدني، لكنها مسيرة من نوع آخر الداعي إليها هو الشيخ حمزة، زعيم الزاوية البودشيشية. ولا يمكن أن يوجه الشيخ حمزة دعوته للمشاركة في أي نشاط، كيفما كان نوعه، ويخلف المريدون، أو الفقراء (الوصف الذي يطلق على المريدين من قبل أعضاء الزواية)، الدعوة، كما يقول أحدهم، "فالدعوة كانت من قبل الشيخ سيدنا حمزة، ولا يمكننا أن نخلفها، وجئنا اليوم إلى الدارالبيضاء لنقول نعم للدستور، نعم لمستقبل أبنائنا. لم نخرج ضد أي أحد، بل ندعو الجميع إلى المحبة، يدنا ممدودة إلى الجميع، وطريقتنا ليس فيها إقصاء لأي أحد، وما يعطي قيمة إضافية لهذه المسيرة، أنها تعرف مشاركة حفيد سيدنا حمزة". مسيرة الوفاء لم تجد الزاوية البودشيشية اسما لمسيرة أول أمس سوى "الوفاء"، مبررة اختيار هذه التسمية بأن "المسيرة رسالة وفاء إلى جميع المغاربة، ووفاء بدعم كل خطوات المغرب، وقال مريد آخر "نخرج اليوم وفاء لكل المغاربة، لم تطلب منا أي جهة الخروج، فبمجرد أن سمع الشيخ حمزة الخطاب الملكي ليوم 17 يونيو، طلب منا الاستعداد لمباركة هذه الخطوة الميمونة، ومنذ أحداث مصر وتونس، نتلو يوميا في جلستنا اللطيف، كي يجنب الله هذا البلد كل مكروه". موعد المسيرة الساعة تشير إلى الحادية عشرة صباحا، لا أحد يعرف الوقت الحقيقي لانطلاق المسيرة، هناك من تحدث عن الرابعة عصرا، وآخرون توقعوا أن تعطى إشارة بداية المسيرة في الخامسة أو السادسة. أصحاب الطاكسيات بينما كان مريدو الزاوية البودشيشية منهمكين في الترتيب للمسيرة، اختار أصحاب الطاكسيات من الحجم الصغير الوقوف قبالة الخيمة، وأطلقوا العنان للشعارات المؤيدة لمشروع الدستور، ورغم أن هذا المنظر لفت أنظار العديد ممن كانوا بجوار الخيمة، إلا أنه لم يحرك شعرة لدى مجموعة من مريدي الزواية، الذين كانوا منهمكين في الاستعداد للحدث. مشاركون من "نوع آخر" كان صباح الأحد بمقاطعة الفداء يوحي بأن هذه المنطقة ستعرف حدثا غير مسبوق، فالضيوف من نوع آخر، ومريدو الزاوية البودشيشية يؤكدون أنهم جاؤوا إلى الدارالبيضاء ليس للتصادم مع أي جهة، بل ليبعثوا رسالة وفاء وحب لكل المغاربة. وقال أحد المريدين " في حال ما إذا التقينا صدفة في الشارع، لا يمكنك أن تعرف أنني أنتمي إلى الزاوية البودشيشية، فليس هناك ما يميزنا عن الآخرين، وهدفنا الوحيد هو أن نشيع قيم الحب والوفاء في جميع القلوب، لسنا ضد أي أحد، ونسعى دائما إلى جمع الكلمة، وتوحيد الجهود". حب الفضول لا يمكن أن يمر المرء من جانب الخيمة، إلا ويلقي نظرة على ما يحدث داخلها، ما جعل عددا من المواطنين يجلسون بالقرب منها، بل إن بعضهم استغل هذه الفرصة للاستفسار وطلب معلومات حول الزاوية البودشيشية. 200 ألف مشارك نحن الآن في حدود الخامسة عصرا، لم تبق إلى دقائق معدودة على بداية المسيرة، والجميع على استعداد، وأحد المريدين يردد أمداحا نبوية ويكبر بصوت عال، ثم يقول إن "عدد المشاركين يصل إلى مائة ألف، وسنبدأ المسيرة بعد لحظات". بينما كان هذا المريد يخاطب المشاركين في المسيرة، سمع صوت آخر، يطلب من أنصار الشيخ حمزة التريث قليلا قبل بداية المسيرة، على اعتبار أن مواطنين آخرين كانوا قادمين للمشاركة، معلنا أن "مجموعة من الجهات أكدت مشاركتها في المسيرة". وقبل أن يختم هذا المواطن كلامه، بدأت تظهر أفواج من الشباب، حاملين الأعلام الوطنية، ويرددون شعارات تساند مشروع الدستور، من قبيل "لا عشرين ولا ياسين، الدستور هو اللي كاين"، "ملكنا واحد، محمد السادس"، لينتقل عدد المشاركين، حسب المنظمين، إلى ما يزيد عن 200 ألف مشارك. نعم للدستور تحولت مسيرة الزاوية البودشيشية إلى مسيرة للعديد من الجمعيات والوداديات الرياضية، فلم تعد تسمع إلا صوتا واحدا، يجتمع في الشعارات الداعية إلى التصويت بنعم على الدستور، "نعم للدستور.. نعم للدستور.. نعم للدستور". ولم يلتزم بعض الشباب بالمسار العادي للمسيرة، وفضلوا البقاء في ملتقى شارع محمد السادس وأبي شعيب الدكالي، منتشين بالشعارات، التي كانوا يرددونها في جو احتفالي، مؤكدين أن مشاركتهم في هذه المسيرة جاءت دعما لمشروع الدستور.