بعد تجربته السينمائية الناجحة "كازانيكرا"، يدخل المخرج المغربي المتميز نور الدين الخماري تجربة سينمائية جديدة بفيلم روائي طويل يحمل اسم "زيرو"، تشارك فيه نخبة من الممثلين المغاربة المعروفين أمثال محمد مجد، وصلاح الدين بنموسى، وعزيز داداس، ورفيق بوبكر، وراوية، وبشرى أهريش، ومريم الزعيمي، ووداد إلما وآخرين، فضلا عن مشاركة ممثلين جدد سيظهرون لأول مرة على الشاشة الفضية. وفي هذا السياق، قال الخماري في تصريح ل"المغربية" إنه بصدد وضع اللمسات الأخيرة على فيلمه الجديد "زيرو"، الذي تدور أحداثه بمدينة الدارالبيضاء، مؤكدا أن الفيلم دخل المراحل الأخيرة من المونطاج، بعد 9 أسابيع من التصوير في ظروف قاسية. وأوضح الخماري أنه عانى كثيرا، خلال تصويره المشاهد الخارجية للفيلم، من رداءة أحوال الطقس، التي كادت تؤثر سلبا على صحة الممثلين، مشيرا إلى أنه استطاع تجاوز هذه العراقيل بفضل اللياقة البدنية العالية، التي اكتسبها طاقم الفيلم، بفضل التمرينات الرياضية، التي فرضها عليهم. بخصوص اعتماده على وجوه جديدة في الفيلم، أكد الخماري أن الساحة الفنية المغربية تعاني نقصا ملحوظا من حيث عدد الممثلين الشباب المؤهلين، ومن واجبه كمخرج سينمائي أن يقدم وجوها جديدة من شانها أن تغني المشهد السينمائي المغربي، مشيرا إلى أنه سبق أن قدم للساحة الفنية المغربية العديد من الوجوه الشابة التي اكتشفها المشاهد لأول مرة، في أعماله السابقة، ملمحا إلى نفيسة بنشهيدة، وعمر لطفي، وأنس الباز والعديد من الشباب، الذين شقوا طريقهم في عالم الفن، بعدما منحهم الخماري فرصة العمر على حد تعبيرهم. وأضاف الخماري أنه رغم ما قدمه المخرجون من وجوه فنية جديدة، إلا أن الساحة الفنية، مازالت في حاجة إلى العديد من الوجوه شابة، داعيا بعض المخرجين إلى الابتعاد عن منطق الشللية، وفتح المجال للشباب بهدف ضخ دماء جديدة للفن المغربي بصفة عامة، والسينما بصفة خاصة، مشددا على أن المغرب يتوفر على العديد من المواهب الفنية، التي تنتظر من سيكتشفها، ويمنحها فرصة للظهور. عن الميزانية المخصصة للفيلم، كشف الخماري أن "زيرو" سيكلف إنتاجة حوالي 1.5 مليار سنتيم، مشيرا إلى أن الفيلم حصل على مبلغ 450 مليون سنتيم من المركز السينمائي كتسبيق على المداخيل، فيما تكلفت شركة "تيمليف بروديكسيون" للإنتاج بالمبلغ الباقي، وحول حصول الفيلم على دعم من جهات أجنبية، أكد الخماري أنه توصل بعروض مختلفة من عدة جهات بفرنسا للمساهمة في تمويل الفيلم، لكنه رفضها، لتدخل المانحين في سيناريو الفيلم، وتشديدهم على ضرورة إدراج مشاهد فولكلورية "كارت بوسطالية"، موضحا أنه ضد هذا النوع من الأفلام، الذي لا يخدم القضايا الإنسانية، ولا يواكب تحولات المجتمع المغربي ولا يتماشى مع قناعاته الفكرية، خصوصا أنه يطمح من خلال "زيرو" إلى وضع اللبنات الأولى لأسلوب سينمائي خاص بنور الدين الخماري، الذي اختار الغوص في غياهب "الفيلم الأسود"، بتقنيات تحمل كل توابل سينما التشويق، خاصة على مستوى المونطاج، والتمويه على مستوى السرد الحكائي، إضافة إلى زوايا النظر، والجوانب السيكوباتية والنفسية للشخصيات. وأضاف الخماري أنه يسعى إلى أن يتميز ببصمته الخاصة لإعطاء هوية للفيلم تستمد خصوصياتها من عمق الشخصيات وثقافتها المحلية، جاعلا من حكايتها امتدادا للمكان، كما هو الحال في فيلمه الجديد، الذي اختار له أبطال عاديين من قاع المجتمع، مشيرا إلى أن الفيلم يشكل بالنسبة إليه مشروع ثلاثية سينمائية عن مدينة الدارالبيضاء، التي وجد فيها مادة خصبة، يستمد منها واقعيته التي عرف بها في فيلم "كازا نيكرا"، ويختار منها نماذج حية ليعيد طرحها وفق رؤيته الفنية على الشاشة الكبرى. رؤية في الكتابة والإخراج ترتبط بجغرافية المكان على غرار المخرج الأمريكي، سبايك لي، المفتون بقصص حدثت في نيويورك، الذي لا ينكر الخماري تأثره بهذا المخرج. وعن أسباب اختياره عنوان الفيلم، الذي يبدو غريبا للوهلة الأولى، وعلاقته بالتيمة المركزية للفيلم، قال الخماري إنه اختار "زيرو" عنوانا لفيلمه لما يحمله هذا الرقم من دلالات، أهمها الدلالة على معنى لا شيء، موضحا أن المجتمع المغربي غالبا ما يستعمل لفظة "زيرو"، ويلصقها بأشخاص ينعتهم بالفاشلين، دون أن يمنحهم فرصة إبراز إمكانياتهم، موضحا أن المجتمع المغربي أصبح بقسوته، مشتلا للفشل والإحباط. وأشار الخماري إلى أنه يحاول من خلال فيلمه، توجيه رسالة مفتوحة للمجتمع، لمنح الشباب الفرصة لإبراز قدراتهم، في جو يملأه الحب، الذي افتقدناه بسبب الضغوطات الاقتصادية الصعبة، في إشارة إلى أن "الزيرو" الذي يشير إلى العدم يمكن أن يشير، أيضا، إلى التغيير كما يقول الخوارزمي "إن الله يتمثل في ذلك الصفر، الذي لا نهاية له ولا بداية. وكما لا يمكن للصفر أن يتضاعف أو يقسم، كذلك الله لا يزيد ولا ينقص. وكما أن الصفر يجعل من الواحد الصحيح عشرة، إن وضع على يمينه، كذلك فإن الله يضاعف كل شيء آلاف المرات، والواقع أنه يخلق كل شيء من العدم ويبقيه ويسيره"، وحسب الخماري، فإن "الزيرو يمكن أن يتحول إلى هيرو".