بعد تسلمه جائزة القماشة الذهبية، التي تمنحها الفيدرالية الوطنية للثقافة الفرنسية، تسلم الفنان المغربي عفيف بناني، أخيرا، بباريس الميدالية الذهبية للثقافة والفنون، التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية للفنون والعلوم والآداب، منذ تأسيسها سنة 1916. بناني يتسلم شهادة الميدالية من رئيسة الأكاديمية جاكلين فيرمر وفي هذا الإطار عبر بناني عن فرحته بهذا التتويج، الذي اعتبره تتويجا للفن المغربي خصوصا، ولكل المغاربة عموما، لأنها تحمل جزءا من تراثهم الحضاري والثقافي المشترك، كما تعكس عبقرية الهندسة المعمارية المغربية، موضحا في تصريح ل"المغربية" أن هذا التتويج يضعه أمام مسؤولية كبيرة تتجلى في ضرورة تقديمه لأعمال جديدة أكثر جودة وعمقا، رغم أنه لا يعرف حتى الآن كيف استطاع إنجاز منجزه الصباغي بطريقة لا يستطيع أن يكررها مرة أخرى، لأن كل لوحة من لوحاته تحمل مجموعة من الأحاسيس، التي لا يمكنها أن تتمثل بالطريقة نفسها. وأضاف بناني أنه تسلم الميدالية الذهبية، التي منحت له عن مجمل أعماله الفنية، في حفل فني تميز بحضور رئيسة الأكاديمية جاكلين فيرمر، ونائبها جون بول برنيس، وعدد كبير من الفنانين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، مشيرا إلى أن رئيسة الأكاديمية نوهت في كلمتها بجميع المتوجين، معتبرة الجائزة بمثابة احتفاء بالفن في مختلف أنحاء العالم، وأنه لا فرق عند الأكاديمية بين الميدالية الذهبية أو البرونزية، لأن مسألة الترتيب تبقى نسبية والمهم هو رد الاعتبار للعمل الفني والاحتفاء به، كما أكد نائبها جون بول برنيس، في كلمته التي قدمها في الحفل، أن أعمال جميع الفنانين المتوجين تكاد تكون أعمالا استثنائية، من خلال صفائها وتقنيتها. من جانبه أكد الكاتب والناقد الفني الفرنسي وعضو مجموعة الكتاب الفرنسيين، دانييل كوتيري أن بناني استحق هذا التتويج لخبرته الفنية الطويلة، التي اكتسبها عبر سنين طويلة، وهو يحاور الألوان والسكين. فأعماله تنشد الحرية والأمل والتأمل، وهي مسكونة بالأسئلة الكبرى، وتمتح من مواضيع الواقع، الذي هو بالقوة والفعل واقع الناس. يقول كوتيري، عن مجمل أعمال بناني "اللون، اللون الخالص الجريء منفصل بشكل واسع في أعماق اللوحة متوحدا ومحايدا، يشكل دائما عنصر قوة وجمال. لأنه يستحضر أجمل الأفراح الطبيعية: أزرق سماوي، حقول الأزهار، عصافير مختلفة الألوان؟ لا أعرف، لكن هناك شيئا مقدسا ومفرحا كتبه ذات يوم الأكاديمي، أندري مرواس، سنة 1948 "المغرب يبقى بالنسبة لي مثال عمل فني كبير . فثمة ذكريات بروح الألوان...". أعمال بناني تستلهم روحها من قصبة "تينزولين" بوادي درعة، التي حصل من خلالها على الجائزة الأوروبية للفنون بسان تروبيز، بفرنسا، سنة 2004، وقصبة "الوداية" بالرباط، التي تمزج بين الانطباعية والتجريد، إلى جانب لوحة قصبة "أيت بنحدو" بورزارات، التي اعتبرت إرثا شفويا عالميا، وهي في ملكية السفير المغربي الحالي ببرلين، كما أنها حازت ميدالية فضية في منافسة دولية بفرنسا سنة 2005، فضلا عن لوحة قصبة "إبركوزن" في دادس، قماشة توجد، حاليا، بالسفارة المغربية بمونتريال. إنها مجموعة من أعمال باهرة، تمثل أمكنة تاريخية". يضيف كوتيري، "من هنا يمكن القول لماذا أغرم فنانون عالميون مشهورون من دولاكروا إلى ماتيس، وماجوريل، وقريبا منا كاويا توميك، التي تعمل بطنجة، بجمالية المغرب؟ ولا غرو أن يكون عفيف بناني واحدا من هؤلاء، عفيف المغربي افتتن بدوره بخيوط شمس الخريف وهي تستعد للانفلات من نهار أشبه بقائض، بعدما مالت على أسوار قصر من قصور الجنوب، ذات اللون الأحمر الفاتح، كما التقطت عيناه بحرفية مشهد أمواج متلألئة تتلاطم على صخور جزيرة سيدي عبد الرحمان، بالدارالبيضاء". يشار إلى أن بناني يستعد لتنظيم معرض جماعي، ابتداء من 16 يونيو الجاري، برواق المكتبة الوسائطية التابعة لمؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء، يشارك فيه كل من الفنان عبد الله اليعقوبي، وعائشة عرجي، ومحمد الشوفاني.