يندرج إنجاز مشروعي ترامواي الرباط – سلا، وقنطرة الحسن الثاني، على ضفتي نهر أبي رقراق، في إطار استراتيجية شاملة تروم إعادة هيكلة النقل العمومي بالعدوتين، وتحسين انسيابية التنقل، والتقليص من الاكتظاظ، دون إغفال حماية المواقع التاريخية، والحفاظ على الصحة العامة، من خلال الحد من التلوث. فتطوير منظومة النقل العمومي الحضري ضرورة حيوية، لتحقيق التنمية المستدامة للرباط وسلا، لما لذلك من انعكاس على التنافسية الاقتصادية، وتدعيم التماسك الاجتماعي لسكانهما. ويتميز ترامواي الرباط – سلا، الذي دخل حيز الخدمة بعد تدشينه، أول أمس الأربعاء، من قبل صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بأنه أحد المكونات البنيوية لتهيئة ضفتي أبي رقراق، على اعتبار أنه حل ملائم لإشكالية النقل الجماعي، من خلال تركيبته ذات الأبعاد المتعددة، إذ يزاوج بين الفعالية والانسيابية في التنقل، والسرعة، والراحة، واحترام البيئة. ويمثل الترامواي منظومة نقل إضافية ومتكاملة مع شبكتي النقل الحضري (الحافلات وسيارات الأجرة)، وسيساهم في حماية البيئة عبر التقليص من نسبة التلوث والضجيج، فضلا عن إسهامه في التنمية الاقتصادية بالعدوتين، من خلال إحداث مناصب شغل. وسيربط الترامواي بين وسطي مدينتي الرباطوسلا، على مسافة 20 كلم، مرورا بالمراكز الأساسية للأنشطة الإدارية والاقتصادية، مثل الجامعات، والمستشفيات، والإدارات، والمحطات الطرقية، ومحطات القطار. وتتكون شبكة الترامواي من خطين يلتقيان، في خط مشترك، عند قنطرة الحسن الثاني، على طول ثلاثة كيلومترات، ويربط الخط رقم 1 بين حي كريمة، بسلا، ومدينة العرفان، بالرباط، فيما يربط الخط رقم 2 بين حي بطانة، بسلا، وحي المحيط بالرباط، مرورا بالمدينة العتيقة. ومن شأن هذه الوسيلة الجديدة، المساهمة في التنمية السياحية للعدوتين، من خلال الربط بين المآثر الرئيسية، والفضاءات العمومية، بواسطة نظام جذاب للنقل الجماعي، إذ سيعبر الترامواي مسارا يتمركز فيه نحو 400 ألف نسمة، و420 ألف شخص (موظفون، ومستخدمون، وعمال، وطلبة وتلاميذ ...) و54 مدرسة، و37 ثانوية وإعدادية، و11 مؤسسة جامعية. ويبلغ عدد الأشخاص، الذين سيستفيدون، بشكل مباشر أو غير مباشر، من هذا المشروع نحو 60 مليون مسافر كل سنة. وتتميز عربات الترامواي بكونها مكيفة، وسهلة الولوج، بالنسبة إلى الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، وكل ترامواي يتسع ل 580 راكبا، أي ما يعادل طاقة 10 أو 12 حافلة. وفضلا عن الترامواي، ستمكن قنطرة الحسن الثاني، التي دخلت بدورها الخدمة بداية من أول أمس الأربعاء، من الرفع من نسبة العبور فوق وادي أبي رقراق، ما سيزيد من جاذبية مدينة سلا، وتسهيل ولوج سكان هذه الحاضرة إلى الأنشطة والخدمات بالعاصمة. وتتميز هذه القنطرة، التي تعد الأولى من نوعها، من حيث التصميم، بهندستها واندماجها الحضري، وكذا بالتقنية العالية المعتمدة في بنائها. وهي تتكون من ثلاثة ممرات بعرض إجمالي يبلغ 46 مترا، حيث ستسمح بمرور الترامواي في الاتجاهين، وكذا العربات عبر ممرين ثلاثيين، بالإضافة إلى ممر للدراجات وللراجلين، مما سيضمن حركة مرور سلسة، خلال عشرين سنة المقبلة. ويندرج إنجاز الترامواي، وقنطرة الحسن الثاني، في إطار مشروع تهيئة ضفتي أبي رقراق، الذي يهدف إلى تأهيلهما، وجعلهما فضاء ترفيهيا مريحا لسكان العدوتين. ويقوم مشروع تهيئة الضفتين على إحداث فضاءات عمرانية متناسقة، مع تاريخ وبيئة المكان، وإقامة نظام عصري للنقل العمومي، وكذا إنشاء بنيات مختلفة مائية ومينائية، ما يؤهل فضاء ضفتي أبي رقراق، لأن يكون منطقة قائمة الذات، أكثر منها مكانا للعبور.