عشرون في المائة من سكان لبنان يستفيدون من مشاريع نهر الليطاني للري ومياه الشفة في البقاع والجنوب. إنه أطول أنهار البلاد وأكبرها وأهمها استراتيجياً، حتى اعتبرته لجنة «كلاب» الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة عام 1949 «مفتاح مستقبل لبنان». يبلغ طول النهر 170 كيلومتراً، وتصريفه السنوي نحو 770 مليون متر مكعب. ينبع من ينابيع العليق غرب بعلبك على ارتفاع 1000 متر، ويخترق سهل البقاع من شماله الى جنوبه، ثم ينحرف مجراه غرباً عند جسر الخردلي، حيث يسمى «نهر القاسمية»، ليصب في البحر المتوسط شمال مدينة صور. ومن روافده أنهار البردوني ويحفوفا والغزيل وينابيع عميق والخريزات وشمسين وعنجر وعين الزرقا. تبلغ مساحة حوض الليطاني 2170 كيلومتراً مربعاً، أي 20 في المائة من مساحة لبنان الإجمالية. ويصل معدل المتساقطات فيه الى 700 مليمتر سنوياً، وتستثمر 45 في المائة من أراضيه للزراعة. وهو يضم 263 بلدة في 12 قضاء وأربع محافظات، ويبلغ عدد سكانه 376 ألف نسمة يتوقع أن يصلوا الى 470 ألفاً سنة 2020. ارتبط الحديث عن نهر الليطاني بالمهندس ابراهيم عبدالعال (1908 1958) الذي اعتبر أن «البلاد التي تفجر فيها النفط ستبقى ذات أهمية اقتصادية خاصة ما دام زيتها لم ينفد وما دامت حاجة العالم الى الزيت، الا أنه يرجح أن تبقى الأنظمة النهرية الكبرى هي مركز الثروة والقوة الاقتصادية». وبمبادرة شخصية على مدى 15 عاماً، أجرى عبدالعال دراسة حول النهر من منبعه الى مصبّه، توجت عام 1948 بكتاب «الليطاني دراسة هيدرولوجية» الذي جمع فيه وثائق أساسية مهدت لدراسات أكثر تفصيلاً. وهو وضع مشروعاً متكاملاً لنهر الليطاني، ولعب دوراً أساسياً في إنشاء المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، وفي الحصول على قرض من البنك الدولي لتنفيذ المشروع. وكان ذلك بمثابة تأكيد لاعتراف الأممالمتحدة بأن الليطاني نهر لبناني مائة في المائة. أنشئ سد الليطاني، خلال الفترة من 1960 الى 1964 على ارتفاع 800 متر وبعرض أقصى هو 162 متراً. وأقيمت خلفه بحيرة القرعون، التي يمكنها تخزين 220 مليون متر مكعب من المياه لاستعمالها في إنتاج الطاقة والري، مع إبقاء 60 مليون متر مكعب احتياطاً لسنوات الجفاف. أما مشاريع الري فاثنان: مشروع ري البقاع الجنوبي، الذي صمم ليروي 23,500 هكتار وتستفيد منه 43 بلدة، ولكن لم ينفذ منه إلا المرحلة الأولى لمساحة 2000 هكتار. والثاني هو مشروع ري لبنان الجنوبي، الذي صمم ليغطي 33 ألف هكتار وتستفيد منه 105 بلدات وصولاً الى المنطقة الحدودية. نهر الليطاني كفيل بتأمين الطاقة الكهربائية للبنان، وفق رؤية عبدالعال، فضلاً عن مياه الشفة والري لنحو 150 بلدة، إذا نفذت جميع المشاريع المخطط لها لأكثر من 60 سنة.