بعد صدور كتابه الأخير، "مغاربة هناك وسؤال المواطنة والمشاركة السياسية هنا"، الذي يتمحور حول ثلاث إشكالات .. أية تمثيلية برلمانية في أفق 2012؟ وأي إصلاح لمجلس الجالية؟ وأية مساهمة في المؤسسات الوطنية الأخرى. يعود الباحث المغربي المتخصص في قضايا الهجرة عبد الكريم بلكندوز، إلى إصدار كتاب جديد يحمل عنوان "تدبير الهجرة بالمغرب ومشروع الإصلاح الدستوري 2011". يعد هذا الكتاب، الذي يقع في 175 صفحة من القطع المتوسط، مرجعا أساسيا في التعاطي مع مسألة الهجرة من الجانب القانوني، ومساهمة علمية رصينة في إغناء النقاش العام المطروح حولها، وارتباطها بالأجندة السياسية الوطنية. يتشكل الكتاب، الذي يطرح أسئلة حول تدبير الهجرة بالمغرب، انطلاقا من وجهتي نظر موضوعيتين، باعتبار المغرب بلد الهجرة والعبور معا، من مقدمة وثلاثة أقسام هي "المغرب بلد الهجرة والعبور: التقدم والمعيقات"، و"تدبير شؤون الجالية المغربية المقيمة بالخارج وسؤال الحقوق السياسية"، وأخيرا، "للمضي قدما نحو الإصلاحات الدستورية وتشكيل برلمان جديد في أفق 2012"، الذي ركز فيه على الحراك السياسي بالمغرب، انطلاقا من الخطاب الملكي السامي ل 9 مارس، الذي حدد مجموعة من الإصلاحات الدستورية. يقدم الكتاب كما ورد في مقدمته تقييما نزيها، من خلال معطيات ومعلومات من مصادر مختلفة بما فيها المعطيات التحليلية، وكذلك آراء الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والمجتمع المدني ومعاهد البحث في المغرب. وتعاطى المغرب في إطار آليات حكومية مع هذه الهجرة الدولية، بكل ما تقتضيه الاتفاقيات المبرمة في هذا الشأن، إضافة إلى الدور الكبير الذي يلعبه المجتمع المدني، لأن تدبير الهجرة يتجاوز الحدود المغربية، ما يدعو المحيط الخارجي إلى التفاعل مع ظاهرة الهجرة في هذا المجال، وتحديدا انطلاقا من العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، والأخذ بعين الاعتبار المحيط المغاربي، الذي يشهد غليانا. عن مؤلفه الجديد، يقول بلكندوز، "في هذا الورش الوطني الكبير المفتوح حول الإصلاح السياسي والدستوري، هناك حاجة ملحة لرفع جميع الطابوهات، والتفكير بشكل منفتح وشمولي وجماعي وتشاركي حول مسألة المواطنة والحقوق السياسية لمواطني اليوم، التي ما تزال مجالا مسكوتا عنه"، ويتعلق الأمر، حسب الباحث، "بإجراء نقاش بعيد عن كل انشغالات برلمانية انتخابية، مهووسة بالانعكاس المحتمل لأصوات المغاربة المقيمين بالخارج على تشكيلة الأغلبية البرلمانية"، مشيرا إلى أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، يتعدى عددها أربعة ملايين ونصف مليون مهاجر، 80 في المائة منهم مستقرون بأوروبا. وبحسب الباحث، الذي يعد من أنشط الباحثين في مجال الهجرة، فإن تمثيلية الجالية المغربية بالخارج تتطلب تعديل المادة 38 من دستور 1996، من خلال التنصيص على هيئة لمغاربة الخارج، إلى جانب المكونات الأخرى بمجلس المستشارين،"حتى لو كان ذلك في إطار إصلاح، يسير في تجاه التمثيل الترابي". وفي هذا الصدد، ذكر الباحث بأن مجلسي الشيوخ الايطالي والفرنسي، الذي به أيضا، تمثيلية ترابية، أقرا تمثيلية مغتربيه بهما، إضافة إلى تمثيلهم من قبل نواب في الغرفة الأولى بالبلدين. ويركز الباحث، الذي أصدر سلسلة من المؤلفات، التي تتناول موضوع الهجرة من مختلف الزوايا، وتقارب تطور هذه القضية على المستويين الوطني والدولي، على معطى أساسي وهو مسألة الجوار، الذي يسهل عبور المهاجرين، والمكون الرئيسي في البحث المتعلق بمشروع قانون 02 03، الذي يسهل دخول وخروج المهاجرين بما فيهم المهاجرون غير الشرعيين. كما يسلط الكاتب الأكاديمي الضوء على مسألة طالبي اللجوء بحكم أن المغرب يتفهم دوره في التعاطي مع الهجرة في إطار مشروع اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، التي وقعت بالرباط منذ سنة 2000، والتي منحت المغرب وضعا متقدما في إطار العلاقات الأوروبية المغربية. اعتمد الكاتب، في بحثه على معطيات في القطاعات الإدارية والمؤسساتية من قبيل الوزارة المكلفة بالجالية المغربية المقيمة في الخارج، وبنك الأمل، ومؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، ومؤسسة محمد السادس للتضامن، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، الذي أنشئ منذ ثلاث سنوات، والمشرف على ولايته الأولى، ومعطيات أخرى.