لم تكن الحملة التشهيرية، التي استهدفت السوبرانو سميرة القادري، حاجزا أمام معانقتها للجمهور إذ جرى تكريم الفنانة المغربية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة في فرنسا، بحيث اعتبرت هذا الاحتفاء، تحديا لكل من سولت له نفسه أن يمس كرامتها كفنانة وكإنسانة. كشفت سميرة القادري أنها مازالت مصرة على المضي في طريقها الإبداعي، فالضربات التي لا تكسر تقوي، وأنها بفضل الله وبفضل مساندة عائلتها، وكل من يقدر قيمة الفن الراقي، صمدت واتخذت من العطاء والإبداع سلاحا لها. وقالت إنها مقبلة على إحياء حفلتين بإسبانيا يومي 23 و24 مارس الجاري، بمدينة قادس رفقة خماسي وتري لعازفين إسبان، إذ ستغني قصائد أوبرالية لمؤلفين عرب، أمثال مصطفى عائشة الرحماني، ونبيل بنعبد الجليل، وإلياس خوري. وبخصوص الحفل الثاني، قالت القادري إنه يضم عازفين مغاربة وفرنسيين، وسيقدم من 20 إلى 23 أبريل المقبل بمدن: بطنجة، وشفشاون، وتطوان، وإنها ستغني أعمالا من الشرق والغرب لعمالقة الفن الإخوان الرحابنة، ومصطفى عائشة وآخرين، كما أن برنامجها الإبداعي مليء، أيضا، بالجديد، إذ ستشارك في فعاليات مهرجان موازين، بالرباط. وعن تكريمها بفرنسا، أطلت الفنانة المغربية على جمهورها، من خلال عمل إبداعي جديد يحمل عنوان "أغاني المرأة أغاني الحب". وقالت القادري، في تصريح ل "المغربية"، "جرى تكريمي بمدينة شونوف الفرنسية، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وأحييت حفلا غنائيا، حيث جرى تكريمي من قبل المدينة بحضور شخصيات فرنسية ومغربية. وحمل العرض اسم "أغاني النساء أغاني الحب" تكريما للمرأة بصوت المرأة، رفقة أرابيسك برئاسة الفنان نبيل أقبيب، وخيرة من العازفين". وأضافت سميرة القادري أنها حاولت في هذا العرض أن تقدم ربيرتوارا متنوعا، يستمد وجوده من قصائد نساء البحر الأبيض المتوسط، مبرزة أن عرض "أغاني المرأة أغاني الحب" يستحضر ذاكرة نساء المتوسط، مسلمات كن أو يهوديات أو مسيحيات، ليكرم فيه المرأة كمبدعة، وكقديسة، وكأم، أو كموضوع استلهام لشريكها الرجل. فبفضل الغناء، استطاعت المرأة، عبر العصور، أن تعبر عن قوتها، عن ضعفها، عن قدسيتها وعما يدور بعوالمها. وأكدت الفنانة المغربية أن العرض يضم أغاني قديمة عرفت في المتوسط، ومعظمها قطع غنائية تتسم ببساطتها وعمقها في آن واحد، قائلة "أردت بهذا العرض أن أوضح للجمهور أن الموسيقى والغناء في المجتمع العربي هو نسائي بالدرجة الأولى، فالرجل بات متفرجا ومستهلكا. والنساء حكيمات وعالمات ولسن نساء الشهوة أو المتعة، يزيد قدرهن كلما برعن وتفنن في مختلف الفنون من تأليف و شعر، ورقص، وغناء. وتتخلل العرض قطع من التراث الأندلسي، من موشحات وأغاني الرومانسية الأيبيرية". وأوضحت أن الحفل استمر ساعة ونصف الساعة توزعت فقراته بين الغناء المصاحب وبين قطع خاصة بالعزف، وأخرى بالتوضيح والوقوف عند كل ما يمكن تنوير المتلقي لدور حواء، التي من دونها يستحيل تقويم هذا الكون، مشيرة إلى أن الجمهور كان متنوعا من مختلف الجنسيات، كما حضرته الجالية المغربية، التي تحرص دائما على تشجيع الإبداع المغربي، ومتابعة جديد كل الفنانين المغاربة. اختتم العرض بلحظة اعتراف في حق شخص سميرة القادري كفنانة سوبرانو وباحثة في علم غنائيات الأندلس للبحر الأبيض المتوسط. يذكر أن دعوة سميرة القادري في مهرجان ليالي الشرق، الذي نال نجاحا كبيرا واعتبر من أجود العروض لدورة المهرجان لسنة 2009، أسفرت عن ربط علاقات ثقافية بين البلدين، انخرطت فيها القنصلية العامة المغربية بديجون، ومؤسسة الحسن الثاني بديجون، في تكليل كل الجهود لنسج سلسلة من الاتفاقات في إطار التبادل الثقافي بين شونوف –ديجون، ومدن شفشاون، وتطوان، وطنجة. وكشفت القادري أنه عندما حصلت على جائزة اليونسكو سنة 2008، اكتشفت أن الجمهور المغربي ذواق، ومن نوع خاص، مؤكدة أن الجمهور يتفاعل كثيرا مع أدائها ولونها الغنائي، ومبرزة أنها تحب الجماهير، التي تبحث عن التراث وتتجاوب مع أغانيها، عكس الجماهير الجامدة، ومشيرة إلى أن كل عروضها تعتمد على البحث، فهي لا تغني من أجل الغناء، بل تبحث المرحلة التاريخية، وعلاقتها بالأغنية التي ستقدم. وعن بدايتها الفنية، أوضحت أنها واجهتها مشاكل وصعوبات، لكنها حاليا تجد نفسها محظوظة، بفضل تأسيس فرقة أرابيسك سنة 2005، التي تعتمد داخل الفرقة على التفسير والشرح للجمهور، وتأطير الحضور، من خلال تقديم فكرة حول اللون الموسيقي الذي ستقدمه، جاعلة كل من يحضر حفلاتها يبحث في التراث. تحتل القادري مكانة متميزة في عالم الموسيقى الغنائية، سواء بمزاياها الفنية أو بالتزاماتها العميقة لفائدة مشاطرة الموسيقى، باعتبارها لغة عالمية. كما أن هذه السوبرانو تعد بموهبتها الرفيعة وملكاتها الفنية العالية رمزا للمتوسط، الذي يجمع بين رجال ونساء وثقافات مختلفة عديدة. تخرجت سميرة القادري من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط - قسم المسرح، إذ ترأس حاليا (جمعية المبادلات الثقافية بالمتوسط)، وهي مديرة المهرجان الدولي أصوات النساء، بتطوان. تعد المرأة العربية الأولى التي انتخبت المرأة المبدعة 2007 من اللوبي الأوروبي للنساء. وفي دجنبر 2008، سلمتها اللجنة الوطنية للموسيقى بالمغرب "جائزة الفارابي للموسيقى العريقة"، التي يمنحها المجلس الدولي للموسيقى باليونسكو، احتفاء باليوم العالمي للموسيقى، وتقديرا لجهودها في تطوير الموسيقى التراثية العربية.