كشف البحث الوطني الديمغرافي أن معدل النمو الطبيعي في المغرب عرف انخفاضا كبيرا منذ ستينيات القرن الماضي.. إذ انتقل من 2.7 في المائة إلى 1.32 في المائة سنة 2010، بفعل الانخفاض في الولادات والهجرة الدولية، التي تمتص تيارا صافيا يقدر بحوالي 86 ألف شخص، أي ما يعادل ناقص2.7 في الألف، وأن عدد سكان المغرب لم يرتفع إلا بمعدل 1.05 في المائة سنة 2010 . وسجل البحث الوطني الديمغرافي، الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط في الفترة ما بين ماي 2009 وغشت 2010، باستجواب 105 آلاف أسرة، تشكل عينة لمجموع السكان المغاربة، أن مستوى وفيات الأطفال والأمهات، حاليا، مرتفع نسبيا، إلا أنه بدأ يعرف توجها نحو الانخفاض، إذ انتقل من 149 في الألف، سنة 1962، إلى 30 في الألف سنة 2010. كما سجل انخفاض شديد للخصوبة إلى ما تحت عتبة تجديد الأجيال (2.1 طفل لكل امرأة)، إذ بلغ مؤشر الخصوبة 2.46، سنة 2004، لينخفض في ظرف 6 سنوات بوتيرة قوية، ناهزت 2 في المائة سنويا. ويرجع هذا التطور، حسب البحث الوطني، إلى التحولات، التي تعرفها البيئة السوسيواقتصادية، والتحولات في منظومة القيم والسلوكات الاجتماعية. وفي ما يتعلق بالتحولات الزواجية، قال أحمد الحليمي، المندوب السامي للتخطيط، خلال تقديمه للبحث الوطني الديمغرافي 2009-2010، في لقاء عقده أمس الاثنين بالرباط، إن سن الزواج الأول تراجع بشكل كبير في غضون 50 سنة الأخيرة، مسجلا أن النساء تزوجن سنة 2010 في متوسط سن 26.2، والرجال في سن 31.4، متأخرين بمعدل 9.3 سنوات و7.5 سنوات، على التوالي، مقارنة بسنة 1960. وكشف البحث الوطني أن متوسط سن الزواج الأول في الوسط الحضري يزيد عن نظيره في الوسط القروي، كيفما كان الجنس، إذ أن الرجال القرويين يتزوجون في المتوسط سنتين ونصف قبل نظرائهم الحضريين، على التوالي 30 و32.5 سنة، والنساء القرويات 1.8 سنة قبل نظيراتهن الحضريات، على التوالي 25.6 و27.4 سنة. وتوجد حاليا ضمن النساء، اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة، من 9 إلى 10 عازبات، أي أن واحدة فقط هي المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية، ما يعني، حسب البحث الوطني، أن 150 ألف مغربية يوجدن في هذا الوضع سنة 2010، بينهن 120 ألفا يتراوح سنهن بين 18 و19 سنة، و 30 ألفا تزوجن دون السن القانوني. وفي ما يتعلق بالعزوبة، أفاد الحليمي أن هناك 61.4 في المائة من النساء العازبات بالنسبة للفئة العمرية بين 20 و24 سنة، و28.9 في المائة بالنسبة للواتي يتراوح سنهن بين 30 و34 سنة، مشيرا إلى أن هذه السنين ترتفع أكثر لدى الرجال، بنسبة 99.6 في المائة بالنسبة للذين تتراوح أعمارهم بين 15 و19 سنة، و93.3 في المائة بالنسبة لفئة 20 و24 سنة، و42 في المائة بالنسبة لفئة 30 و34 سنة، واعتبر الحليمي هذا المعطى مؤشرا ينم عن ارتفاع متواصل، يكرس التطور الحاصل منذ الستينيات. وكشف البحث الوطني أن إطالة العزوبة تعني النساء والرجال على حد سواء، إذ أصبح الزواج أقل فأقل عالمية، مسجلا أن نسبة العازبين البالغين 50 سنة بلغت عام 2010، 5.8 في المائة، بالنسبة للرجال، و6.7 في المائة بالنسبة للنساء، ما يعني أن النسبة تضاعفت عما كانت عليه سنة 1994 مرتين بالنسبة للرجال، و7 مرات بالنسبة للنساء. وعزا ذلك لأسباب اقتصادية أو مرتبطة بالهجرة. وبخصوص زواج الأقارب، سجل البحث الوطني أنه تراجع من معدل 33 في المائة سنة 1987 إلى 21 في المائة سنة 2010 ، وشمل هذا التراجع الوسطين القروي والحضري على حد سواء. وأوضح الحليمي أن انخفاض الزواج بالأقارب يرافقه تراجع للطلاق، مشيرا إلى أن ثلث الزيجات، خلال سنوات الستينيات، كان ينتهي بالطلاق، وحاليا، لم يعد سوى واحد من عشرة، وأن هذه النسبة تكاد تتشابه في الوسطين القروي والحضري. وأبرز المندوب السامي أن نسبة الطلاق ترتفع بشكل كبير خلال الفترة الحرجة للخمس سنوات الأولى من الزواج، ثم تنخفض تدريجيا مع المدة، لتبلغ مستويات منخفضة، تناهز 3 في المائة، بعد مرور 20 سنة على الزواج.