تتواصل المعارك بين الثوار والموالين لمعمر القذافي في وقت يكثف فيه المجتمع الدولي من تحركاته لبحث جميع الخيارات لحل الأزمة الليبية، التي دخلت أسبوعها الثالث معارك طاحنة بين المتمردين وأنصار القذافي في راس لانوف (أ ف ب) وخلفت أعدادا كبيرة من الضحايا في صفوف المدنيين, وكارثة إنسانية جراء تدفق النازحين على الحدود التونسية الليبية. إذ أغارت طائرة مقاتلة على مبنى سكني من طابقين قرب المرفأ النفطي (براس لانوف) الموقع الأكثر تقدما للمعارضة في شرق ليبيا, ما hحدث أضرارا في واجهة الطابق الأرضي من البناية, حسب ما أفادت به وكالة (فرانس برس). وهذه هي المرة الأولى التي تطال فيها غارة جوية مباني سكنية في راس لانوف البلدة الاستراتيجية، التي تقع على بعد نحو 300 كلم من بنغازي حيث معقل المعارضة. ويشن الطيران الليبي غارات يومية على مواقع الثوار في شرق البلاد، لا سيما على خط الجبهة, وكذلك في البريقة واجدابيا النقطتين الاستراتيجيتين في الطريق إلى بنغازي. وذكرت وكالة (فرانس برس) أن المعارضة الليبية سيطرت اليوم على مدينة زنتان، التي تبعد 120 كلم جنوب غرب طرابلس, غير أن القوات الموالية للقذافي تنتشر حولها. بالموازاة مع ذلك, يبحث المجتمع الدولي عن مخرج لإنهاء الأزمة الليبية إذ بدت مجموعة من الاقتراحات تتراوح ما بين فرض حظر جوي فوق ليبيا واللجوء إلى التدخل العسكري الأجنبي. وأكد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، انديرس فوغ راسموسين، أن الحلف الأطلسي يناقش كل السيناريوهات حتى يكون على أهبة الاستعداد للتدخل, موضحا أن الحلف لن يتدخل في ليبيا دون تفويض من الأممالمتحدة. وأعلن البيت الأبيض أيضا أن فكرة تسليح المعارضة الليبية هي من الخيارات المطروحة مؤكدا في الوقت نفسه أن هذا الأمر يبقى "سابقا لأوانه" في الوقت الحاضر. وقال جاي كارني المتحدث باسم الرئيس، باراك أوباما، إن الإدارة الأميركية تدرس المعلومات عن المعارضة الليبية لكن تقديم السلاح إلى أفرادها ليس سوى واحد من الخيارات. ويلتقي وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي 27 اليوم الخميس يناقشون خلالها الوضع في ليبيا, تمهيدا لقمة استثنائية لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي حول ليبيا غدا الجمعة. ويتخوف الأوروبيون من تدهور الوضع إلى حد يؤدي إلى موجة هجرة كثيفة من إفريقيا الشمالية إلى القارة الأوروبية. من جهة أخرى, تعد فرنسا وبريطانيا لمشروع قرار تنويان طرحه هذا الأسبوع على مجلس الأمن الدولي لإقامة منطقة حظر جوي في ليبيا. وتسعى باريس ولندن لحشد تأييد الدول العربية والإسلامية لمشروع قرار في مجلس الأمن الدولي لفرض "منطقة حظر جوي" فوق ليبيا لمنع القوات الموالية للعقيد معمر القذافي من القيام بعمليات قصف جوي في المواجهات، التي تدور مع الثوار المطالبين برحيله. وأكد الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، تأييده لفرض حظر جوي على ليبيا, خلال اجتماع خاص تعقده المنظمة على مستوى مندوبي الدول الأعضاء لمناقشة الوضع في ليبيا. وطالبت دول مجلس التعاون الخليجي في ختام اجتماع عقدته في أبو ظبي مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا, وناشدت نظام العقيد، معمر القذافي "الوقف الفوري لاستخدام القوة ضد المدنيين" معربة عن إدانتها "للجرائم المرتكبة بحق المدنيين". غيرأن مسؤولين وخبراء أمريكيين اعتبروا أن إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا تفترض عملية ضخمة لمنع الطائرات العسكرية الليبية من قمع المدنيين, لكنها لن تأتي بحل للوضع ميدانيا.