تحتضن مدينة مراكش، ابتداء من أول أمس الخميس، أشغال المنتدى الدولي الثاني للأمن في إفريقيا، بمشاركة حوالي 150 خبيرا دوليا يبحثون سبل مواجهة الإرهاب بالقارة السمراء. وينظم المنتدى من طرف الفيدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية، بتعاون مع المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، تحت شعار "إفريقيا في مواجهة التحديات الإرهابية: القاعدة بالمغرب الإسلامي تهديد استراتيجي". وقال محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، إن إفريقيا مهددة بالانتقال من قبضة الجريمة الاقتصادية والإرهابية إلى قبضة الإجرام السياسي، عبر تنظيمات انفصالية، تحظى بدعم وتمويل دول في المنطقة. وينتظر أن تختتم أشغال المنتدى اليوم السبت، بمشاركة قيادات عسكرية ومدنية ورؤساء أجهزة أمنية، يمثلون 70 دولة من القارات الخمس، وأزيد من 150 خبيرا، إضافة إلى مسؤولين عن المنظمات الدولية. وأضاف بنحمو أن إفريقيا أصبحت، في السنوات الأخيرة، معقلا للحركات الإرهابية وشبكات الاتجار في المخدرات والسلاح، خصوصا في منطقة الساحل، جنوب الصحراء. واعتبر رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية أن الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية، تنبثق من عدد من بؤر التوتر والانفلات الأمني، سيما في القارة الإفريقية، التي تشهد، إضافة إلى وضعها الأمني، بنية اقتصادية واجتماعية هشة. وأوضح أن تفاقم الإرهاب بالقارة الإفريقية، التي شهدت خلال الشهور والأسابيع القليلة الماضية أعمالا إرهابية ذات طابع دولي، يستوجب تضافر جهود جميع الدول لاحتواء تهديدات تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، ووضع استراتيجية ناجعة للتصدي لظاهرة الإرهاب، التي تتقاطع مع الجريمة المنظمة في المنطقة. واعتبر قتل رهينتين فرنسيتين في شمالي مالي مؤشرا خطيرا على التحول، الذي يعرفه الإرهاب في إفريقيا، والذي يتغذى من النزعات الانفصالية لدى بعض الجماعات في منطقة شمال إفريقيا والساحل جنوب الصحراء، مشيرا إلى أن هذه الجماعات تنشط في معسكرات على الحدود المالية- الموريتانية، وستقحم إفريقيا بكاملها في متاهات من الفوضى وحالات اللاأمن واللااستقرار، في حالة التغاضي عن أنشطتها، والتساهل مع مصادر تمويلها وتأطيرها وتدريبها. وشدد على ضرورة تقوية التعاون الدولي، وتوفير الدعم الأمني والعسكري واللوجيستي لبلدان المواجهة، التي تعسكر فلول المرتزقة والإرهابيين فوق أراضيها، ذات المساحات الشاسعة، والتضاريس الوعرة، في بيئة صحراوية، تتطلب إمكانيات هائلة متطورة للرصد والمراقبة. من جانبها، أكدت السفيرة سعاد شلبي، مديرة مركز التدريب على حفظ السلام وفض النزاعات في إفريقيا، ضرورة مواجهة الإرهاب في إفريقيا، انطلاقا من دراسة معمقة لمظاهره وأسبابه. ودعت إلى إيجاد حلول لهذه الظاهرة، التي قالت إنها تستفحل يوما بعد يوم، في إطار مقاربات متنوعة، لا تستثني الحلول الأمنية والعسكرية، وبتنسيق وتشاور بين مختلف الدول، ضمن جهود التعاون الأمني شمال- جنوب، وجنوب- جنوب. وقالت شلبي إن "تنفيذ العقوبات الصارمة في حق الإرهابيين، وملاحقتهم في جميع تنقلاتهم، وتعزيز التعاون الأمني متعدد الأطراف، وحده الكفيل باجتثاث الإرهاب في إفريقيا من جذوره، وتجفيف منابعه". وأدانت مديرة مركز التدريب على حفظ السلام وفض النزاعات في إفريقيا، قتل الرهائن من طرف الإرهابيين، معتبرة ذلك فعلا شنيعا وجريمة نكراء في حق الإنسانية. من جانبه، شدد وزير الدفاع البلجيكي، بيتر دوكريم، في كلمة بالجلسة العامة للمنتدى، على خطورة التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل وجنوب الصحراء، وقال إن تهديدات تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي أصبحت معولمة، وتخضع للتطور وتحاول السيطرة على الوضع داخل إفريقيا، مشيرا إلى إن محاصرة هذه التنظيمات، وتطويق أنشطتها الإرهابية، يتطلب إقرار حكامة جيدة، ومؤسسات قوية في مجال العدالة والأمن بالبلدان الإفريقية. وألمح الوزير إلى الروابط القبلية، والمصالح الاقتصادية والعقائد، والمرجعيات الدينية المتطرفة، وطرق التهريب الجديدة من أميركا اللاتينية نحو أوروبا للمخدرات الصلبة، إضافة إلى التموين بالسلاح والإمدادات العسكرية للعناصر الانفصالية في المنطقة. وأوضح دوكريم أن من بين الرهانات لإعادة الاستقرار وضمان الأمن في منطقة الساحل وجنوب الصحراء، الاحتراز والاستباق ومحاربة التهريب، وإرجاع الثقة للسكان في بلدانهم، من خلال إدماجهم في النسيج الاقتصادي والاجتماعي، وإشراكهم ديمقراطيا في تدبير شؤونهم، ثم فرض هيبة الدولة بقوة الأمن والدفاع. وأشار إلى أن بلجيكا تساهم في مواجهة الإرهاب، من خلال مشاركتها في القوات الدولية لحفظ السلام، خصوصا أن "أوروبا أصبحت مهددة بالعمليات الإرهابية". وناقش المشاركون في المنتدى الدولي للأمن في إفريقيا مواضيع "استراتيجية تدويل الإرهاب"، و"إفريقيا: فضاء جديد للحرب بالنسبة لتنظيم القاعدة"، و"تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي: أي أنشطة وأهداف استراتيجية"، و"مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل". ونظمت موائد مستديرة حول التواطؤ المحلي، وحلفاء تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي، والاستراتيجية الكفيلة بمكافحة الإرهاب والجريمة، وتحول جماعات متطرفة في شمال إفريقيا إلى فروع إرهابية لتنظيم القاعدة، وانقلاب المرجعيات، وانحراف هذه الجماعات الإرهابية من الفكر الجهادي إلى الاتجار في المخدرات والسلاح.