في إطار خطوة جديدة لشرح وتفسير موقف المرصد المغربي للثقافة، بعد إعلانه الإمساك عن المشاركة، المباشرة أو غير المباشرة، في الندوات واللقاءات الثقافية في الدورة 17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب درقاوي المزمع تنظيمها من 11- 20 فبراير 2011 بالدارالبيضاء، ومقاطعة الترشح لجائزة المغرب برسم دورة 2010 في كل فروعها. ترأس رئيس المرصد، شعيب حليفي لقاء حواريا يوم سابع يناير الماضي، بالمركب الثقافي بخريبكة، قدم من خلاله عرضا مسهبا عن أنواع المثقفين في الثقافة المغربية، قبل أن يتوقف عند المثقف المغربي المرتبط بالإصلاح والتغيير في النصف الأول من القرن العشرين . وتوقف شعيب حليفي طويلا عند المرصد المغربي للثقافة والاختلالات في التدبير الثقافي، معددا مواطن العطب، ومتوقفا عند جائزة المغرب التي بصيغتها الحالية وفي ظل الشروط المخيبة للآمال، لا يمكن أن تحقق شيئا . وأشاد حليفي بالجهد، الذي يبذله كافة المثقفين، الذين شاركوا في لقاءات المرصد ودعموا رؤيته، كما أعلن عن تضامن المرصد مع جميع الجمعيات والمثقفين، الذين تعرضوا للقمع والتهميش للتخلي عن مواقفهم. وفي السياق ذاته، تطرق عبد الرحمن غانمي، في مداخلته، إلى سمات المرحلة ثقافيا، وما يعرفه المجتمع المغربي من تبدلات عميقة في ظل وضع يكرس منظورا ثقافيا يبرر الخواء ويكرس الابتذال، وتنعدم فيه المعايير والقيم الثقافية، أمام تراجع وظائفها التنويرية وانكماش وانحسار تأثيرها، حتى أن الثقافة أصبحت "ترفا" زائدا دون أفق، مما يدعو إلى ضرورة إعادة الاعتبار للثقافة والمثقف في المجتمع والمؤسسات، من خلال مساءلة كل البنيات التقليدية العتيقة على مستوى العقلية والإدراك والتمثل والتدبير ..وما يترتب عن ذلك من تشخيص ورؤية، انطلاقا من استحضار عناصر التعدد الثقافي بعيدا عن كل أشكال الاحتكار والتمثيلية الوهمية للإنتاج الثقافي بالمغرب، الذي كان دائما حيا ومتحفزا، ولن يجر ذلك إلا بالإقلاع عن النزعات الإيديولوجية الفجة والضيقة. من جهته، أشار المعاشي شريشي (رئيس نادي القلم المغربي)، إلى أن مقاطعة المرصد المغربي للثقافة لجائزة الكتاب، خلال هذه الدورة لم تأت معزولة عن سياق ثقافي عام وطني وعربي . كما أشار إلى سوء التدبير وغياب استراتيجية ثقافية لدى وزارة الثقافة، منبها إلى الانزلاقات الكثيرة التي عرفها الشأن الثقافي، الذي اختزله المسؤولون في مواسم ذات أبعاد فولكلورية وسهرات فجة ومستبلِدة للقيم والذائقة الثقافية، والأدهى من ذلك يقول شريشي لمعاشي، استنبات عادات وقيم وتقاليد هجينة بدت أعراضها في سلوكات فئات عمرية عريضة لم يتبقّ لها من رأسمالها الرمزي سوى الاستهامات وكل ألوان الاستلاب. وكان أعضاء اللجنة التحضيرية للمرصد المغربي للثقافة، عبروا في وقت سابق، عن استيائهم من الحالة، التي وصلت إليها وضعية الثقافة بالمغرب، مؤكدين مقاطعتهم كافة أنشطة وزارة الثقافة المغربية وجوائزها احتجاجا على سياستها التي وصفوها بالانتهازية. وأوضحوا، أن فكرة المرصد نابعة من قيمة الاحتجاج، وتتمثل في موقف المثقف من السياسة الثقافية والتدبير الثقافي بالمغرب، وليس ضد شخص بعينه، أو جهة معينة. كما أصدروا بيانا، للفت الانتباه إلى الوضع الثقافي الراهن، باعتباره شأنا عاما، ومسؤولية الحكومة القائمة في ما آل إليه من تبخيس وتهميش ولا مبالاة، ودعوة كافة المثقفين إلى الاحتجاج والتعبير عن غضبهم من واقع ثقافي مقلق، من خلال ما عبر عنه بالإمساك عن المشاركة في الندوات واللقاءات الثقافية بجميع أشكالها ومن الدورة المقبلة، للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ومقاطعة الترشح لجائزة المغرب، لِما أصبح يشوبها من تساؤلات وارتياب بخصوص انعدام معايير موضوعية وعلمية ومنصفة قمينة بإعطاء نوع من المصداقية والشفافية والنزاهة للجائزة وقيمة الكتاب المغربي في مختلف الفروع.