ثلاث وخمسون مادة موزعة على ستة أجزاء أخلت فيها جبهة البوليساريو، ومعها الجمهورية الجزائرية، الدولة المشاركة كملاحظ في المفاوضات حول الصحراء، على الأقل بثلاث عشرة مادة. وجاء الإخلال بمحتويات هذه المواد في يوم واحد فقط، وتحديدا في الثامن من نونبر 2010، الذي أطلق عليه إعلاميا الاثنين الأسود. وساهمت إسبانيا كدولة مستعمرة (بفتح الميم) سابقا، وراعية للصراع حتى قبل نشأته في الأصل، لأنها حاضنته الاصطناعية، في الإخلال بمحتويات المواد الثلاث عشرة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ولم نعثر بين ثنايا هذا العهد واحتكاما إلى الأحداث، التي وقعت خلال ذلك اليوم المشؤوم، كما نشرتها وسائل الإعلام المرئية، والمكتوبة، من كل حدب وصوب، والمواكبة للحدث عن قرب، ولو على مادة واحدة أخلت فيها المملكة المغربية، بواجبها ومسؤولياتها تجاه الأممالمتحدة، وتجاه المنتظم الدولي. ووردت النقاط التي جرى الإخلال بها في المادة الرابعة، التي تشير إلى أنه "في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في هذا العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي". جبهة البوليساريو ليست بالدولة المسجلة في قوائم الأممالمتحدة، وليست حتى بالممثل الوحيد لسكان المناطق المتنازع حولها، لهذا فهي ليست طرفا في حالة الطوارئ والمتتبعون للصور، التي بثتها مليشياتها المدنية، والعسكرية عبر شبكة الانترنت، تؤكد أنها قامت بفرض وجودها كطرف بالقوة، عبر إرهاب المواطنين المدنيين العزل، وعبر تقتيل عدد هائل من قوات الأمن، الممثلة لدولة طرف، وذات حقوق تاريخية هي المملكة المغربية. وما يؤكد هذا الإخلال هو محتوى المادة الخامسة من العهد التي تؤكد بأنه "ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي عمل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد، أو إلى فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه". وقامت جبهة البوليساريو عبر مليشياتها المدنية والعسكرية بإهدار الحقوق والحريات المعترف بها عبر إحراق المؤسسات المدنية من أكاديميات، ومحاكم، وبنوك، ومقاه عمومية، ومستشفيات، ودور للحضانة وغيرها. وأخلت كذلك جبهة البوليساريو خلال ذلك اليوم المشؤوم، من الثامن من نونبر الجاري، بالمادة السادسة من الجزء الثالث للعهد التي تقول "الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمى هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا. "الرجال الممثلون للقانون الذين حاولوا حماية هذا الحق جرى إهدار دمهم بكل برودة، من طرف المليشيات المسلحة بالسكاكين، والسيوف، بالإضافة إلى الزجاجات الحارقة، والسيارات التي تدوس المواطنين وممتلكاتهم. بهذه التصرفات الإرهابية والإجرامية جرى الإخلال كذلك بالمادة التاسعة التي تقر بأن "لكل فرد الحق في الحرية، وفي الأمان على شخصه. ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفا. ولا يجوز حرمان أحد من حريته إلا لأسباب ينص عليها القانون وطبقا للإجراء المقرر فيه". بفعل حضور المليشيات المسلحة بالسيوف والسكاكين والزجاجات الحارقة، لم يكن ذلك اليوم غيرها من قام بحرمان الجميع من حريته وأمانه الشخصي. أما بالنسبة للمادة الثانية عشرة من الفقرة الرابعة، فإنها تقول "لا يجوز حرمان أحد، تعسفا، من حق الدخول إلى بلده". وخلال ذلك اليوم المشؤوم منعت المليشيات المسلحة المواطنين العزل من دخول بلدهم عبر إشعال النيران في السيارات، وقطع الطرقات المؤدية إلى منازلهم. كما تقول المادة السادسة عشرة أنه "لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية"، وكل أفراد المليشيات الذين قاموا بإحراق مدينة العيون المناضلة يتمتعون بالشخصية القانونية، إذ لديهم بطاقة وطنية، كناش للحالة المدنية، دفتر صحي، وشهادات تثبت مهاراتهم المهنية والتعليمية، ورغم ذلك فضلوا سلوك المليشيات على سلوك الشخصية القانونية. وتؤكد المادة التاسعة عشرة من الفقرة الأولى "لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة". وكان من الأفضل لعناصر المليشيات أن تعتنق رأيا بدل مضايقة آراء الآخرين بالعنف والترهيب، لقد رفضت المليشيات كل أشكال حرية التعبير التي تضمنها لهم الفقرة الثانية من المادة نفسها، التي تؤكد أنه "لكل إنسان الحق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار، وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها". الشكل الفني التعبيري الوحيد، الذي مارسته المليشيات هو اقتلاع الأشجار، وتلويث مياه الشرب، بالإضافة إلى تكسير مصابيح الضوء، وإشارات المرور. القيود التي تفرضها الفقرة الثالثة من المادة نفسها التي تقر بأنه "تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة 2 من هذه المادة واجبات ومسؤوليات خاصة. وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود، لكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية: (أ) لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، (ب) لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة. "كل هذه القيود داست عليها المليشيات، المستمدة لتمويلاتها من ممارسة تجارة الممنوعات من مخدرات وسرقات وغيرها من الأعمال المشينة. المادة العشرون: "تحظر بالقانون أية دعاية للحرب"، (وهذا ما قامت به الملشيات المسلحة طوال ذلك اليوم المشؤوم). 2. تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف. (وهذا ما قامت به كذلك المليشيات خلال ذلك اليوم المشؤوم). المادة واحد وعشرون "يكون الحق في التجمع السلمي معترفا به. ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق، إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". فض مخيم الاحتجاج السلمي، المسمى أمازيغيا ب "أكديم ازيك"، بالطرق السلمية كان ضروريا لصيانة الأمن القومي، والسلامة العامة، والنظام العام، وحماية الصحة العامة والآداب العامة، وحماية حقوق الآخرين، وحرياتهم. لكن المليشيات رفضت هذا الحق لأنها تنهل ثقافتها من ثقافة الحقد والكراهية. فالمادة الثانية والعشرون، تبرز أن "لكل فرد حق في حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق إنشاء النقابات، والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه"، و كان من واجب زعماء و منظري الميلشيات أن ينظموا أنفسهم في أحزاب سياسية، وفي نقابات بدل أن يرعبوا المجتمع والأمهات. وفي ما يتعلق بالمادة الثالثة والعشرين فتوضح أن "الأسرة هي الوحدة الجماعية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة"، والميلشيات منذ رحيل الإسبان عن المنطقة، وهي تمانع من أجل لم شمل العائلات المشتتة. المادة الرابعة والعشرون من الفقرة الأولى" يكون لكل ولد، دون أي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب، حق على أسرته وعلى المجتمع وعلى الدولة في اتخاذ تدابير الحماية التي يقتضيها كونه قاصرا". وهذا ما قامت به السلطات العمومية يوم الثامن من نونبر المشؤوم، في حين أن الفقرة الثالثة من المادة نفسها تشير إلى أن "لكل طفل حق في اكتساب جنسية". والأطفال المغاربة حتى قبل أن يولدون ينتمون إلى الوطن.