يعد مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، الذي ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم الجمعة المنصرم، بطنجة، مراسم التوقيع على ست اتفاقيات تتعلق بتمويله وإنجازه.. نقلة تنموية مهمة وورشا هيكليا لمنظومة النقل الوطنية، إذ يراعي متطلبات التنمية المستدامة ويوظف أحدث التقنيات ويوفر أرقى الخدمات التي تجعله وسيلة ناجعة للنقل الجماعي للأشخاص على المسافات المتوسطة والطويلة. وينضاف هذا المشروع المهم، الذي سينجز بكلفة إجمالية تبلغ 20 مليار درهم، إلى الإنجازات التي تواصل المملكة، بخطى حثيثة، مراكمتها في شتى المجالات، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من ضمنها إنجاز برنامج رائد للطرق السيارة، وتشييد المركب المينائي المندمج طنجة المتوسط ذي البعد الجهوي والدولي، وكذا مشروع تهيئة وإعادة توظيف المنطقة المينائية لميناء طنجة-المدينة والاستراتيجيات التنموية القطاعية المبتكرة. كما يندرج هذا المشروع في إطار سياسة الأوراش الكبرى، التي تنهجها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي تضع المواطن في قلب استراتيجية التنمية المستدامة. ويروم مشروع القطار فائق السرعة الرفع من القدرة الاستيعابية للشبكة والاستجابة للطلب المتزايد وتسويق منتوج أكثر جودة وتنافسية، فضلا عن مواكبة التطور المهم، الذي يعرفه المغرب في المجال الاقتصادي، والانخراط في مسلسل إعداد وتهيئة التراب الوطني ومواكبة الاستراتيجية المسطرة في القطاع السياحي، وكذا المساهمة في التنمية المستدامة وتعزيز الخبرة الوطنية وتطوير استعمال التكنولوجيات الحديثة ومواكبة الاندماج الجهوي والقاري. وسيساهم هذا المشروع، الذي سيفتح آفاقا جديدة لتطوير منظومة النقل وقطاع النقل السككي بالمغرب، في مواكبة الارتفاع المتزايد الذي يعرفه نشاط نقل المسافرين، خاصة على محور طنجة-الدارالبيضاء (زائد 70 في المائة بين 2002 و2009)، ودعم النمو الذي يعرفه القطب الاقتصادي الجديد لطنجة- تطوان بتقليص المسافات بين شمال المملكة وجنوبها، وكذا تحرير طاقة استيعابية إضافية لتسهيل حركة نقل البضائع على هذا المحور (التأثيرات الإيجابية لميناء طنجة المتوسط). ومن المرتقب أن يسجل هذا الخط، فور تشغيله أواخر سنة 2015، نقل أزيد من 6 ملايين مسافر، وتقليص مدة السفر بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء إلى ساعتين و10 دقائق، عوض 4 ساعات و45 دقيقة، وكذا بين مدينتي طنجة والرباط إلى ساعة و20 دقيقة بدل 3 ساعات و45 دقيقة. وتتوزع الكلفة الإجمالية للمشروع بين الدراسات وتدبير المشروع والبنيات التحتية والتجهيزات السككية واقتناء المعدات المتحركة. وجرى استكمال تمويله وفق تركبية مالية تتوزع بين مساهمة الميزانية العامة للدولة وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بقيمة 5,8 ملايير درهم، وهبة من الدولة الفرنسية تبلغ 800 مليون درهم، وقرض من الخزينة والبنوك الفرنسية بقيمة 6,875 ملايير درهم، والوكالة الفرنسية للتنمية ب2,4 مليار درهم، وقرض الصندوق السعودي للتنمية بمبلغ مليار و585 درهما، وقرض الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية بمبلغ 770 مليون درهم، وقرض الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة 626 مليون درهم. ومن المنتظر أن تنتهي الأشغال بمشروع القطار فائق السرعة، الذي سيجري تسويق العرض التجاري لخدمته، بتعرفة تنافسية تتماشى والقدرة الشرائية لمستعملي القطار، أواخر سنة 2014، لتليها مرحلة التجارب والاختبارات لمدة سنة، قبل المصادقة وفقا للمعايير الدولية من أجل تشغيل الخط في دجنبر2015 . وقطع المشروع عدة مراحل، حيث تمتع بصفة المصلحة العامة، كما حظي بالمصادقة البيئية من طرف اللجنة الوطنية لدراسة التأثير البيئي، فيما انطلقت الأشغال التحضيرية للمشروع، خلال يوليوز 2010 . أما المراحل المقبلة للمشروع فتشمل التموينات الاستراتيجية التي ستنطلق في فبراير2011، والأشغال الكبرى للهندسة المدنية في منتصف سنة 2011، في حين ستنطلق أشغال التجهيزات السككية في غشت 2011 . وفي ما يتعلق بالمعدات، التي وقع عقد اقتنائها مع الشركة الفرنسية "ألستوم"، فتهم 14 قطارا بسرعة فائقة من فئة طابقين، بمبلغ 4 ملايير و400 مليون درهم، في أحسن شروط المنافسة الدولية، حيث تماثل الأسعار المتضمنة في هذا العقد تلك المطبقة، أخيرا، في فرنسا، وأوروبا، وفقا لمقتضيات الاتفاقية المتعلقة بالمشروع والمبرمة بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية في 22 أكتوبر2007 . ويتكون كل قطار من قاطرتين تحتويان على ثماني عربات، منها اثنتان مخصصتان للدرجة الأولى، وخمسة للدرجة الثانية، ومقصف بطاقة استيعابية تصل إلى 533 مقعدا، يخصص 10 في المائة منها للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة لفضاءين لمستعملي الكراسي المتحركة، أما التصميم الداخلي فينسجم فيه الطابع العصري بلمسة تقليدية، ويوفر كل الشروط التي تضمن أعلى مستوى من الراحة والأمان في السفر. وانسجاما مع هذا التوجه، جرى وضع مخطط مديري وطني للسرعة الفائقة يشمل شبكة سككية بطول 1500 كلم في أفق 2035، تتكون من محورين يضمان خطا أطلسيا ينطلق من طنجة مرورا بالرباط، والدارالبيضاء، ومراكش، والصويرة، ليصل إلى أكادير، وخطا مغاربيا. وسيجري إنجاز المخطط في الفترة ما بين 2010 و2035، ومن المتوقع أن يستفيد منه أزيد من 130 مليون مسافر في أفق سنة 2035 .