ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس الجمعة، بطنجة، مراسم التوقيع على ست اتفاقيات، تتعلق بمشروع القطار فائق السرعة (تي جي في)، الذي سيربط بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء، كما اطلع جلالته على مستوى تقدم هذا المشروع، الذي سينجز بكلفة إجمالية تبلغ 20 مليار درهم. (ح م) ويندرج مشروع القطار فائق السرعة في إطار سياسة الأوراش الكبرى، التي تنهجها المملكة تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تضع المواطن في قلب استراتيجية التنمية المستدامة. بهذه المناسبة، قدم كريم غلاب، وزير التجهيز والنقل، بين يدي جلالة الملك، لمحة عن مضمون الاتفاقيات الست، التي جرى توقيعها، أمس الجمعة، والتي تكرس مرحلة جديدة في الأجرأة الفعلية لمشروع خط القطار فائق السرعة بين طنجة والدارالبيضاء. وأشار الوزير، في هذا الصدد، إلى أن خمسا من هذه الاتفاقيات، تهم تمويل المشروع، وتأتي كتكملة للموارد المالية الذاتية المعبئة سابقا، مشيرا إلى أن هذه الاتفاقيات تمكن من تأمين موارد مالية جديدة عبر قروض طويلة الأمد، بنسب فائدة منخفضة تتراوح بين 1,2 و3,19 في المائة، وبمدد للإعفاء تفضيلية تتراوح بين 5 و20 سنة". وأبرز أن الأمر يتعلق باتفاقيتين خاصتين بقرض الخزينة الفرنسية بمبلغ 350 مليون أورو، من جهة، وبقروض بنكية فرنسية بمبلغ 275 مليون أورو، من جهة أخرى، وكذا مذكرة تفاهم خاصة بقرض للصندوق السعودي للتنمية بمبلغ 200 مليون دولار، واتفاقية قرض صندوق أبوظبي للتنمية بمبلغ 100 مليون دولار، واتفاقية الضمان المتعلقة بها. وبخصوص الاتفاقية السادسة، أشار وزير التجهيز والنقل إلى أنها تهم عقد اقتناء 14 قطارا من طرف المكتب الوطني للسكك الحديدية من لدى الشركة الفرنسية "ألستوم"، بأحسن شروط التنافسية الدولية، إذ تماثل الأسعار المتضمنة في هذا العقد تلك المطبقة، أخيرا، في فرنسا وأوروبا. وشدد على أن توقيع هذه الاتفاقيات سيمكن المغرب من المضي قدما في إنجاز هذا المشروع المهم، مشيرا في هذا السياق إلى أنه بعد أن جرى إنهاء الدراسات التمهيدية، تتواصل الدراسات التنفيذية المفصلة حاليا، كما انطلقت الأشغال التحضيرية في يوليوز الماضي. وسيشرع في أشغال البنية التحتية في منتصف السنة المقبلة، على أن تنتهي في أواخر سنة 2014. وأكد غلاب أنه سيجري الشروع في استغلال هذا الخط بحلول دجنبر 2015، بعد استلام القطارات، التي سينطلق تصنيعها، وفقا للعقد السالف الذكر، وبعد مضي سنة من الاختبارات والتجارب الضرورية وفق معايير السلامة للسرعة الفائقة المنصوص عليها دوليا. وخلص الوزير إلى أنه وعلى غرار ما حققه المغرب بداية من التسعينيات بتبنيه وإنجازه لبرنامج طموح ورائد للطرق السيارة، ثم في بداية العشرية الحالية بقرار تشييد المركب المينائي المندمج طنجة المتوسط ذي البعد الجهوي والدولي، "تحقق المملكة اليوم تحت قيادتكم الرشيدة يا مولاي، نقلة تنموية أخرى عبر تطوير هيكلي لمنظومة النقل، يراعي تعدد الأنماط ومتطلبات التنمية المستدامة من خلال اعتماد تقنية القطار فائق السرعة، التي فرضت نفسها تدريجيا في العالم كأنجع وسيلة للنقل الجماعي للأشخاص على المسافات المتوسطة والطويلة". وقع الاتفاقية الأولى المتعلقة بصفقة اقتناء القطارات الفائقة السرعة ذات طابقين، كريم غلاب، وباتريك كرون، الرئيس المدير العام لمجموعة "ألستوم"، ومحمد ربيع الخليع، المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، وفيليب مويي، رئيس "ألستوم للنقل". ووقع الاتفاقية الثانية، وهي مذكرة تفاهم تتعلق بمساهمة الصندوق السعودي للتنمية لتمويل مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، صلاح الدين مزوار، وزير الاقتصاد والمالية، ويوسف بن إبراهيم البسام، نائب الرئيس وعضو منتدب للصندوق. ووقع الاتفاقية الثالثة الخاصة بضمان قرض بين المملكة المغربية وصندوق أبوظبي للتنمية لتمويل مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، صلاح الدين مزوار، ومحمد سيف السويدي، المدير العام بالنيابة للصندوق. ووقع الاتفاقية الرابعة المتعلقة بقرض بين المكتب الوطني للسكك الحديدية وصندوق أبوظبي للتنمية لتمويل مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، محمد ربيع الخليع، ومحمد سيف السويدي، في ما وقع الاتفاقية الخامسة المتعلقة بتطبيق قرض من الخزينة الفرنسية لتمويل مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، محمد ربيع الخليع، وبرنارد لوميريير، المدير المساعد للشؤون المؤسساتية ببنك "ناتيكسيس". ووقع الاتفاقية السادسة الخاصة بتطبيق القروض البنكية بضمان شركة التأمين الفرنسية للتجارة الخارجية لتمويل مشروع القطار فائق السرعة الرابط بين طنجة والدارالبيضاء، محمد ربيع الخليع، وجان دو لا روديي، مدير تمويل الصادرات ببنك "الشركة العامة"، ونيلي ساركيسيان، المسؤولة العالمية عن التمويل الصادرات ببنك "ناتيكسيس". كما تميزت هذه المراسم ببث شريط يعرض للجوانب التقنية لمشروع إحداث خط القطار السريع فائق السرعة، الذي يربط طنجة والدارالبيضاء ومحطاته الأربع. وسيساهم هذا المشروع، الذي سيفتح آفاقا جديدة لتطوير منظومة النقل وقطاع النقل السككي بالمغرب، في مواكبة الارتفاع المتزايد، الذي يعرفه نشاط نقل المسافرين، خاصة على محور طنجة- الدارالبيضاء، ودعم النمو الذي يشهده القطب الاقتصادي الجديد لطنجة-تطوان، بتقليص المسافات بين شمال المملكة وجنوبها، وكذا تحرير طاقة استيعابية إضافية لتسهيل حركة نقل البضائع على هذا المحور (التأثيرات الايجابية لميناء طنجة المتوسط). ومن المرتقب أن يمكن المشروع فور الشروع في استغلاله أواخر سنة 2015، من نقل أزيد من 6 ملايين مسافر، وتقليص مدة السفر بين مدينتي طنجة والدارالبيضاء إلى ساعتين و10 دقائق، عوض 4 ساعات و45 دقيقة، وكذا بين طنجة والرباط إلى ساعة 20 دقيقة، بدل 3 ساعات و45 دقيقة . كما سيجري تسويق العرض التجاري لخدمة القطار فائق السرعة بتعرفة تنافسية تتماشى والقدرة الشرائية لمستعملي القطار. وبإحداثه خطا للقطار فائق السرعة، سيكون المغرب أول بلد عربي إفريقي يستفيد من نظام متطور، وعلى أعلى مستوى من التقدم التكنولوجي في مجال النقل السككي، بما يفتح الباب على مصراعيه لتحقيق منجزات ضخمة في المستقبل. كما سيمكن المشروع الضخم المكتب الوطني للسكك الحديدية من الانخراط في صف الفاعلين، الذين يوفرون خدمة سككية ذات سرعة فائقة. تجدر الإشارة إلى أن الجهود المبذولة لتعبئة الاستثمارات المالية الخاصة بتمويل المشروع، كانت أثمرت في وقت سابق عن رصد 4,8 ملايير درهم من الميزانية العامة للدولة، ومليار درهم من صندوق الحسن الثاني للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، بموجب عقد البرنامج الخاص بالمكتب الوطني للسكك الحديدية لفترة 2010-2015، والاتفاقية مع الصندوق، اللذين جرى توقيعهما بطنجة تحت إشراف جلالة الملك في فاتح فبراير من السنة الحالية. كما تشمل هذه الاستثمارات، أيضا، التمويلات الخارجية التي جرت تعبئتها المتمثلة في هبة الحكومة الفرنسية بمبلغ 75 مليون أورو، وقرض الصندوق الكويتي للإنماء الاقتصادي العربي بمبلغ 140 مليون دولار. كما حصل المغرب على موافقة الوكالة الفرنسية للتنمية بخصوص قرض بمبلغ 220 مليون أورو، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بخصوص قرض بمبلغ 100 مليون دولار، إذ ستجري الإجراءات المسطرية المتعلقة بهما لاحقا، ما يعني بذلك استكمال التركيبة المالية الخاصة بالمشروع.