مياه أمطار متدفقة على نحو كثيف، ثلاجات وشاشات التلفاز وأواني منزلية أخرى وكتب مدرسية، كلها كانت تعوم وسط هذه المياه، ويعوم خلفها شباب حي المطار أنفا، في الدارالبيضاء، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أطفال ونساء انجرفوا مع تيار الماء، ولولا يقظة بعض شباب الحي، لكانوا في عداد الموتى، هكذا وصف سكان الحي واقع حالهم مع الفيضانات التي فاجأتهم على حين غرة. لئن كان سكان حي المطار يتعايشون مع حكم الإفراغ القاضي برحيلهم عن الحي، فإن اختراق المياه لمنازلهم يزيدهم اختناقا وبؤسا، بعدما أتلفت جميع حاجياتهم المنزلية ووثائقهم الإدارية، أما الكتب المدرسية، فلم يبق منها شيئا، ليضطر التلاميذ إلى معاودة الكتابة والصياغة من جديد. المياه الغزيرة التي تهاطلت، أخيرا، جعلت منظر الحي أكثر قتامة، حين تصدعت معظم جدران المنازل، وتدمرت بعض النوافذ، وضاعت الأغراض والحاجيات، على نحو لم يملك فيه السكان غير الإذعان لهذه النازلة الطبيعية، ما عبروا عنه بالقول إنها "قدرة قادر ومشيئة ربانية لا يستطيعون ردها في كل الأحوال". لو أن الأمر بيدهم لما ظلوا في هذه الحي، إنما الحاجة تقضي بتعايشهم مع تلك الحاجيات المتلفة، (أفرشة وأغطية وثلاجات وشاشات التلفاز وآلات التصبين وملابس وأواني منزلية ..)، يفيد السكان بنبرة قانطة. وحتى يتمكن السكان المتضررون من الفيضانات من النوم قليلا، اضطروا إلى افتراش "الكارطون" فوق أبواب خشبية، للاستلقاء في منأى عن الأرض المشبعة بمياه الأمطار، والحال أن ذلك أحسن من النوم في العراء، يذكر السكان ذلك معبرين عنه بإيماءات وحركات اعتباطية.