باشرت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بمراكش، محاكمة مختل عقليا، يدعى محمد أمين، من مواليد 1985، كان يخضع للعلاج من الإدمان على المخدرات بمستشفى الأمراض العقلية والنفسانية ابن النفيس بمراكش بعد إنهاء التحقيقات التفصيلية، التي باشرها قاضي التحقيق في القضية، التي يتابع فيها المتهم بجناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد. وتعود فصول جريمة القتل البشعة، التي ذهب ضحيتها سائق سيارة لنقل البضائع بشارع الداخلة بحي المسيرة بعاصمة النخيل، وخلفت موجة من الغضب في أوساط المواطنين، الذين حضروا بكثافة لمعاينة جثة الضحية ممددة على الأرض بالشارع العام، إلى شهر يونيو من السنة الماضية، عندما دخل المتهم، الذي كان في حالة هيجان وهيستيريا انتابته، ولم يعد إثرها يتحكم في أفعاله وفقد السيطرة على نفسه، في نزاع حاد مع الضحية، محاولا نزع مفاتيح السيارة منه، قبل أن يفاجئه بتسديد ضربات في البطن وأنحاء مختلفة من جسمه، أردفها بطعنة قاتلة في الصدر، خصوصا من جهة القلب، أطلق الضحية على إثرها صرخة مدوية وهو يمسك بالجانب الأيسر من صدره وهوى على الأرض لعدم تمكنه من الحفاظ على توازنه من شدة الطعنة التي تلقاها، ليتركه مضرجا في دمائه، محاولا الفرار بعدما تمكن من تشغيل محرك السيارة. وكان قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها، أثناء مرحلة التحقيق الإعدادي، أصدر قرارا يقضي بعرض المتهم على خبير قضائي محلف، متخصص في الأمراض العقلية والنفسانية، للتأكد من مسؤوليته الجنائية، بعد الطلب الذي تقدم به دفاع المتهم، الذي أقر أن موكله مصاب بمرض نفساني ويتوفر على ملف طبي حول حالته المرضية. وكشف التقرير الطبي، حسب مصدر قريب من القضية، أن المتهم يعاني من مرض عقلي ناتج عن عدم متابعة العلاج المنتظم وتعاطيه للمخدرات، خصوصا بعد مغادرته مستشفى الأمراض العقلية والنفسانية، الذي كان يخضع فيه للعلاج، إلى أن استقرت حالته وأصبحت عادية بفعل تناول الأدوية. وفي سياق متصل، يبلغ عدد المرضى النفسانيين حوالي 660 ألف مريض من مجموع سكان المغرب، يحتاجون للرعاية الاجتماعية، ومساعدة عائلاتهم لتمكينها من تحمل عبء المرضى النفسانيين، لكي لا يشكلوا خطرا على أنفسهم أو على الآخرين، في الوقت الذي لايتعدى عدد الأسرة الخاصة بالمرضى النفسانيين 1900 سرير. وتعرف الحالات الوافدة على مستشفى الأمراض العقلية والنفسانية ابن النفيس بمراكش، ارتفاعا مستمرا لدى الفئة العمرية المتراوحة بين 18 و30 سنة، تتعلق باختلالات نفسية وأمراض عقلية، تتطلب مراقبة طبية من طرف طاقم طبي يتكون من ثلاثة أطباء متخصصين وأستاذين مساعدين وأستاذ مبرز ومعالجة نفسية، إضافة إلى 60 ممرضا. وشهد المستشفى المذكور قبل إعادة ترميمه وتحويله إلى مؤسسة جامعية، الكثير من الأحداث، التي استأثرت باهتمام الرأي العام المحلي بمراكش، والمتمثلة أساسا في الاغتصابات والانتحارات والفرار، في الوقت الذي كشفت فيه بعض المصادر عن وجود مجموعة من المرضى عقليا ونفسيا رهن الاعتقال بسجن بولمهارز، أمام الاكتظاظ وضعف الطاقة الاستيعابية للمستشفى، الذي يعجز في غالب الأحيان عن استقبال العدد الكبير من المرضى، الذين يتدفقون عليه من مختلف المناطق، خصوصا من جنوب المغرب، ما أدى إلى وقوع حوادث غير عادية داخل المؤسسة السجنية المذكورة . ويتحدث الشارع المراكشي عن عشرات الأمثلة ل"مجانين" ومرضى نفسانيين، يفرضون قوانينهم الخاصة في شوارع مراكش، التي أصبحت مرتعا لعدد كبير منهم، يفعلون فيها مالا يستطيعون فعله في مستشفى الأمراض النفسية والعقلية، الذي ضاق ذرعا بنزلائه فقرر تسريح عدد كبير منهم، خاصة أن نسبة الملء خلال السنوات الأخيرة، بلغت ما بين 90 في المائة و100 في المائة.