مكنت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تشكل نموذجا للحكامة المرتكزة على الديمقراطية التشاركية، من تعزيز قدرات المغرب في مجال أهداف الألفية للتنمية. وكان صاحب الجلالة الملك محمد السادس أطلق في ماي 2005، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، باعتبارها برنامجا طموحا يروم تحسين معدل التنمية البشرية، من خلال نهج مقاربة تشاركية ولامركزية، وإشراك المجتمع المدني والجماعات المحلية والسلطات المركزية والمؤسسات الدولية. وتتماشى هذه المبادرة مع الالتزامات التي قطعها المغرب، وقت انضمامه إلى إعلان الألفية، بشأن أهداف الألفية للتنمية في سنة 2000. وأضحت هذه المبادرة رمزا ملموسا لاستراتيجية عمل السلطات العمومية في الميدان الاجتماعي. وتجسد المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أحدثت تغييرا كبيرا في مفهوم تدبير السياسات العمومية للتنمية الاجتماعية والبشرية المرتكزة على القرب، إرادة المملكة في تبني سياسات أكثر صرامة، من أجل تقليص الفقر. كما شكلت هذه المبادرة تغييرا في المبادرات، من أجل ضمان الاستمرارية وإدماج التدخلات، من خلال تمويل مبتكر ومستدام. وتتمحور المبادرة حول أربعة برامج ذات أولوية، تتعلق بمكافحة الفقر بالعالم القروي، ومحاربة الإقصاء الاجتماعي بالوسط الحضري، والقضاء على الهشاشة، وتطبيق البرنامج الأفقي للتنمية البشرية. هكذا، فإن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تقوم أساسا على رؤية شاملة تترجم الأبعاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتربوية والثقافية والإيكولوجية. إن تجسيد أهداف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يمر بشكل أساسي، من خلال تخفيض العجز الاجتماعي، عبر توسيع الولوج للخدمات الأساسية والنهوض بالأنشطة، أي توفر فرص الشغل وتدر دخلا قارا، وتبني مبادرة خلاقة تجاه القطاع غير المهيكل. كما تتطلب مساعدة الأشخاص، الذين يعانون الهشاشة أو ذوي الاحتياجات الخاصة. ورصدت للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وسائل مادية ترقى إلى هذه الطموحات، إذ خصصت لها 10 مليارات درهم على مدى خمس سنوات، ساهمت الدولة فيها ب 60 في المائة والجماعات المحلية ب 20 في المائة، في حين ساهم التعاون الدولي ب 20 في المائة المتبقية. وبالنظر إلى هذه الجهود المالية والمقاربة التكاملية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، فإن لهذه المباردة هدفا نهائيا يتمثل في بناء مغرب متضامن يتأسس على الديمقراطية السياسية والفعالية الاقتصادية والشراكة الاجتماعية.