يبدأ الموسم الدراسي 20102011 هذا الأسبوع، في ظل أجواء يخيم عليها هاجس البحث عن تكاليف مواجهة متطلبات المناسبة، في أوساط غالبية الأسر المغربية، لاسيما باللجوء إلى الاقتراض من المؤسسات المختصة، التي تستغل مثل هذه المناسبة لمضاعفة أرقام معاملاتها، وتحقيق أرباح خيالية.ويبدأ الموسم الدراسي الجديد مباشرة بعد عيد الفطر، الذي تطلب نفقات إضافية لشراء ملابس وأحذية الأطفال، وبعد رمضان، الذي يفرض نفسه بقوة، كل سنة، كشهر يدفع الأسر إلى توسيع وتنويع استهلاكها من المواد الغذائية المختلفة، ووسائل الترفيه. وتكتسي المناسبات الثلاث: رمضان، وعيد الفطر، والدخول المدرسي، هذه السنة، طابعا خاصا، بالنسبة إلى غالبية الأسر المغربية، التي تتشكل في تركيبتها الاجتماعية، على العموم، من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بنسب تتراوح ما بين 30 و35 في المائة، و50 و55 في المائة، على التوالي، بينما تشغل الطبقة الميسورة، والغنية نسبيا، النسبة الباقية، حسب المندوبية السامية للتخطيط. تتجلى هذه الخاصية في استمرار ارتفاع أثمان المواد الغذائية، من ناحية، وملابس العيد، من ناحية ثانية، والمقررات المدرسية، من ناحية ثالثة. وتقول مصادر مطلعة إن الأخيرة ستشهد بعض "التعديلات"، التي قد تضاعف من أسعار محتويات المحفظات المدرسية، التي قد يصل وزن الواحدة منها إلى عشرة كيلوغرامات. وشهدت أثمان المواد الغذائية، خلال رمضان المنصرم، حالة من المد والجزر، لكنها اتسمت في الأيام الأولى والأخيرة، على العموم، بالصعود، رغم وفرة العرض في الأسواق، ورغم تدنيها بنسب تصل إلى الثلثين، في أسواق الجملة، كما هو الشأن بالنسبة إلى سوق الدارالبيضاء، أكبر فضاء لبيع الخضر والفواكه في المغرب، وأكبر ملتقى للسماسرة، والوسطاء، والتجار الانتهازيين. وسجلت أثمان الخضر والفواكه، مع بداية الأيام العشرة الأخيرة من رمضان، (العواشر)، صعودا مفاجئا، بعد فترة استقرار نسبي خلال النصف الأول من الشهر. ولم يسلم أي صنف من المنتوجات الفلاحية من الارتفاع، إذ تراوح المعدل بين درهمين وثلاثة دراهم للكيلوغرام، كما هو حال البصل (4 دراهم)، والطماطم والبطاطس (بين 5 و6 دراهم)، والجزر واللفت، (7 دراهم)، والسفرجل (10 دراهم)، واللوبيا (12 درهما)، والقرع الطري (8 إلى 10 دراهم). من جهتها، ارتفعت أثمان الفواكه إلى أعلى مستوى لها، إذ انتعش ثمن الموز المحلي والتفاح، ليصل إلى 12 درهما، على الأقل، والخوخ والإجاص والعنب، إلى 16 درهما، من الأصناف الجيدة، والبطيخ (6 دراهم)، بينما تضاعف ثمن البرتقال، (المخصص للعصير)، ليبلغ 8 دراهم للكيلوغرام، وهذه هي المرة الأولى التي تسجل فيها الحوامض هذا المستوى المرتفع، بسبب عدم تزامن المناسبة مع فترة الجني. وارتفعت أثمان اللحوم الحمراء لتقترب من 80 درهما للكيلوغرام، (74 درهما) في بعض أسواق الدارالبيضاء، بينما تعدى سعر اللحم المفروم (الكفتة)، إلى 90 درهما، في وقت انتعشت أسعار اللحوم البيضاء، من جديد، إذ بلغ ثمن الدجاج "البلدي" 50 درهما، و"الرومي" 18 درهما، و"الكروازي" 16 درهما، و"الفروج الكروازي" 25 درهما، و"الكوكلي" 13 درهما للطير. ويرتفع مستوى إنفاق الأسر المغربية من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة على المواد الغذائية، إلى أعلى مستوى له، في رمضان، مقارنة مع الشهور الأخرى، ويناهز معدل الإنفاق 20 في المائة، على المستوى الوطني، وأكثر من 30 في المائة في الوسط القروي. وحسب بحث أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، حول مستوى معيشة السكان، أخيرا، شمل ارتفاع النفقات الغذائية، خلال هذا الشهر، المواد الغنية بالبروتينات الحيوانية والنباتية، ويتعلق الأمر، أساسا، بالفواكه الطرية والخضر، التي ترتفع نفقاتها بنسبة تفوق 100 في المائة، متبوعة بالحليب ومشتقاته (+ 60 في المائة)، والمشروبات الغازية (+ 54 في المائة)، واللحوم الحمراء، والدواجن، والأسماك (حوالي 23 في المائة). ويستنتج البحث أن غالبية الأسر تتجه، لمواجهة ارتفاع الاستهلاك، إلى خفض الميزانية المخصصة للمواد غير الغذائية، ويمول هذا الإجراء نسبة 95 في المائة من الزيادة في الميزانية، إلا أن هذه النسبة تختلف، حسب البحث، تبعا لمستوى الشرائح الاجتماعية، إذ لا يعوض خفض الميزانية غير الغذائية، لدى 20 في المائة من الأسر الأقل يسرا، سوى بنسبة 26.4 في المائة من ارتفاع النفقات الغذائية، في حين تلجأ الأسر لتعويض الجزء المتبقي، أي 73.4 في المائة إلى استخدام الأموال المدخرة، أو الاعتماد على التضامن العائلي. وكانت الوزارة الأولى قالت، في بداية رمضان، إن مستويات العرض بالنسبة إلى المواد الأكثر استهلاكا، خلال رمضان، تفوق، بصفة عامة، مستويات الطلب، "ما يضمن تموينا عاديا واستقرارا للأسعار المعمول بها". وتحدثت الوزارة الأولى عن أن إنتاج الطماطم، ومخزون البصل، والبطاطس، وسكر سنيدة، ومدخرات الزبدة، "تمكن من تلبية حاجيات المواطنين"، في حين يتجاوز العرض الطلب في ما يخص الكميات المصنعة من مادة الحليب، إذ سيصل إلى 88 مليون لتر و98 مليون لتر، شهري غشت وشتنبر، على التوالي. في المقابل، لم تتحدث الوزارة الأولى عن هاجس الأسعار المرتفعة، إذ "لا يكفي ضمان تموين الأسواق بمختلف السلع والمنتوجات والمواد الاستهلاكية، بل الأهم ضمانها والسهر على ترويجها بأثمان تكون في مستوى قدرات غالبية الأسر المغربية"، كما يرى مراقبون.