تبت الغرفة الجنحية التلبسية بمحكمة القطب الجنحي عين السبع بالدارالبيضاء، اليوم الاثنين، في ملف الخادمة فاطمة، 12 عاما، التي تعرضت للتعذيب من طرف مشغلتها. واتخذت هيئة الحكم بقاعة الجلسات رقم 8، التي تنظر في الملف، قرار النطق بالحكم اليوم، بعد إدراج القضية في المداولة، الجمعة الماضي، بعد استكمال الاستماع إلى مرافعات النيابة العامة والدفاع. والتمس ممثل النيابة العامة، في مرافعته أمام هيئة الحكم، إدانة المشغلة المتهمة (ص.خ)، المتابعة في حالة اعتقال، بالعقوبة الأقصى، مؤكدا على فعل التعذيب، الذي مارسته على الضحية، والذي كان باديا على أنحاء جسدها، ووصل إلى جهازها التناسلي، الذي لم يسلم من العقاب، ملتمسا مؤاخذة المتهمة بما نسب إليها من أفعال. من جانبه، طالب دفاع الضحية القاصرة إيداعها لدى مؤسسة عمومية مختصة أو جمعية، من أجل حمايتها والاعتناء بها، فيما طالب دفاع المتهمة، المتابعة بتهمة إلحاق الإيذاء العمدي والضرب والجرح في حق قاصر، بتمتيعها بتخفيف الحكم. وكانت هيئة الحكم استمعت، الأربعاء الماضي، إلى تصريحات الضحية ووالدها، كما استمعت إلى المشغلة، التي نفت صفة الخادمة عن الضحية، وتذرعت بمعاناتها مرضا عصبيا، رافضة اتهامها بتعذيبها، مشيرة إلى أنها كانت تقيم معها بصفة اعتيادية لرعاية ومراقبة أطفالها، ولم تكن تعمل لديها كخادمة. لكنها تراجعت عن تصريحاتها، حين واجهتها هيئة المحكمة بصور تعذيب الضحية، ومحتويات الشهادة الطبية، لتؤكد أنها كانت "تضربها مثل أطفالها، فقط". وكانت المفاجأة أثناء الاستماع لأقوال الضحية ووالدها، اللذين نفيا تعرضها للتعذيب، إذ أكد والد الضحية (م.ر) أن ابنته لم تكن خادمة لدى المتهمة، بل كانت تقيم معها، وترعى أطفالها الصغار، وأنه لم يتسلم أي مبلغ من زوج المتهمة مقابل خدمة ابنته ببيته، موضحا أنه تنازل عن الدعوى "مجانا ولدواع إنسانية" قبل أن يرى ابنته، وحين علم بالواقعة من تلقاء نفسه، نظرا للعلاقة، التي تربطه مع مشغلة ابنته. والأمر نفسه أكدته أقوال الضحية (ف.ر)، التي نفت تعذيب مشغلتها لها، ومباشرة بعد مناداة القاضي عليها، ارتمت على مشغلتها وعانقتها وانخرطتا في البكاء، وظلت تناديها بماما، قبل إخراجها بالقوة من قاعة المحكمة، وسط ذهول جميع الحاضرين بقاعة الجلسات. ويأتي تراجع الأب والضحية عن أقوالهما، المدونة في محاضر الشرطة القضائية وأمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، في الوقت الذي تنصبت جمعيات حقوقية جديدة، خاصة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، والجمعيات المختصة في مجال رعاية الأطفال، كطرف مدني في القضية، إلى جانب جمعية "إنصاف"، للدفاع عن الضحية. وأكدت مصادر مقربة من القضية أن الضحية ووالدها مازالا يقيمان بمنزل المشغلة المتهمة، وأن زوجها يتكفل بإيوائهما ونقلهما من مدينة ايمانتانوت، التي يتحدران منها، إلى الدارالبيضاء، ما يثير استغراب الجمعيات الحقوقية، التي دافعت عن الضحية، وانتصبت طرفا مدنيا للدفاع عن حقوقها أمام القضاء. ورفعت هذه الجمعيات ملتمسا بحماية المحكمة للطفلة، بتسليمها إلى أي جهة ترى أنها جديرة بالثقة لحمايتها لاعتبارات اجتماعية وإنسانية، بعد أن أبانت وقائع الجلسة أنها لا تتوفر على حماية، وأنها تعرضت لضغوط نفسية للتراجع عن أقوالها. وطالب المحامون بألا تبقى عند عائلة مشغلتها.