اعتادت المجتمعات على التخلص من النفايات المختلفة بطرق متنوعة، أهمها الحرق بأبسط التكاليف، أمام التراكم، اليومي لكميات النفايات الناتجة عن زيادة التطور بمعدل الاستهلاك اليومي.كما يحاول العديد من الدول منذ الثمانينيات التخلص من هذه المحارق، نظرا لتأثيرها على البيئة وصحة الإنسان، ولكونها المصدر الأساسي للديوكسينات، المعروفة بأنها المواد المسببة للسرطان الأكثر قوة على الإطلاق، فضلا عن خليط كبير من المواد السامة الأخرى، كجزيئات النانو والمعادن الثقيلة. ونتيجة للمخاطر الكبرى التي تخلفها المحارق، ولتفادي كارثة بيئية وصحية أكيدة، نظمت جمعية إندي-أكت (IndyACT) بالتعاون مع غايا (التحالف العالمي لبدائل الحرق) مؤتمر "صفر نفايات"، الذي وضح المشاكل الناجمة عن المحارق وشرح الحلول البديلة الموجودة عالميا، من ضمنها مبدأ "صفر نفايات" الذي بدأ يطبق حول العالم. خلال المؤتمر، طرح هذا التجمع مجموعة من الحلول العلمية والعملية ضمن مبدأ"صفر نفايات"، إعادة تدوير النفايات بعد فرزها من المصدر، والاستفادة منها اقتصادياً بدل من حرقها. الجدير بالذكر، أن إعادة التدوير يقلل من استخدام الطاقة أضعاف محارق النفايات. وقدم عدة خبراء محاضرات تظهر كيف بدأت عدة سلطات حول العالم بتبني مبدأ "صفر نفايات" وكيف فشلت سياسات إدارة النفايات الأخرى، خصوصا تكنولوجيا الحرق، ومن أهم المحاضرين كان كيفين درو وهو منسق مشروع "صفر نفايات" في بلدية سان فرانسيسكو، التي تبنت هذا المبدأ كحل لمشكلة نفاياتها. كما قامت منظمة إندي-أكت خلال افتتاح المؤتمر بإطلاق تقرير جديد يشرح كيف يمكن على البلدان العربية تطبيق مبدأ "صفر نفايات". تعتبر مشكلة النفايات الصلبة إحدى أهم التحديات التي تواجه البلدان النامية، إذ في معظم الحالات يتم طمر أو حرق هذه النفايات مما يؤدي الى تلويث المياه أو نشر الملوثات المسرطنة في الجو. وقد جاء هذا المؤتمر في وقت تحاول الحكومة اللبنانية حل مشكلة النفايات الصلبة قبل أن تتحول إلى كارثة بيئية واجتماعية بسبب عدم وجود مكان كاف لطمر هذه النفايات في المستقبل القريب. وأحد الحلول المقترحة هي الحرق، التي أثبتت فشلها في السابق في لبنان، وفي عدة دول حول العالم. "إذا قررنا المضي قدما في اعتماد المحارق كحل لمشكلة النفايات الصلبة نكون قد قررنا حرق أموالنا وفرص عملنا وأنتجنا أدخنة كيميائية مسرطنة ومميتة"، صرح وائل حميدان المدير التنفيذي في إندي-اكت. "لبنان من البلدان القليلة حول العالم التي ليس لديها قانون لإدارة النفايات الصلبة، ولا يمكن حل مشكلة النفايات من دون تشريع ينظم هذه العملية"، أضاف حميدان. وقد اتفق الجميع على الحاجة إلى استراتيجية وطنية وقانون يضمنان إدارة سليمة للمواد والنفايات، بطريقة تؤمن الاستفادة القصوى من الموارد الموجودة في مخلفاتنا. لذلك، رحبت المنظمات المشاركة بمشروع قانون إدارة النفايات الصلبة، الذي طرحته وزارة البيئة، لكن في الوقت نفسه طالبت هذه المنظمات بسحب وإلغاء مشروع إنشاء المحارق المطروح في مجلس الوزراء، وتبني الحلول العلمية والعملية البديلة، التي تضمن حماية وتوفير البيئة الصحية للأجيال القادمة. كما أعلنت هذه المنظمات استمرار التحرك الهادف الى وقف مشروع المحارق، ومحاربته بشتى الوسائل السلمية من اجل حماية بيئتنا، وصوناً لأبسط حقوق الإنسان في بلدنا. يذكر أن المؤتمر حضره عدد كبير من الجمعيات الأهلية والناشطين البيئيين ورؤساء البلديات وفعاليات أخرى من حول لبنان. شددت منظمات المجتمع المدني الحاضرة على رفض فكرة المحارق رفضاً قاطعاً، نظراً للكوارث البيئية الناجمة عن انبعاث الملوثات، التي لا يمكن تجنبها، فضلاً عن التكاليف الاقتصادية الباهظة. يشار إلى أن مبدأ الصفر نفايات هو مبدأ جديد تبنته عدة مؤسسات ومناطق حول العالم مثل العاصمة بيونيس ايريس في الأرجنتين ومدينة سان فرنسيسكو في الولاياتالمتحدة الأميركية ومعظم أقضية نيوزيلندا والعديد غيرها كحل نهائي ومربح لمشكلة النفايات الصلبة. وأقل تكلفة ويؤمن فرص عمل في مجال معالجة المواد الصلبة ويدعم الإنتاج المحلي ويقلل من استيراد المواد الأولية كالورق والحديد والزجاج والبلاستيك والأسمدة. ويروم هذا مبدأ الصفر نفايات إلى إدارة المواد من مرحلة الاستخراج وصولا لمرحلة التصنيع والتغليف والشحن والبيع لحين إعادة معالجتها وفق استدامة وحماية كاملة من الضرر البيئي الناجم عن النفايات، بخلاف مبدأ إعادة التدوير المعروف، بأنه يعتمد التخطيط لضمان إعادة الاستفادة من المواد المصنعة، حتى قبل المباشرة في تصنيعها.