كم من مرة يجب أن ندق ناقوس الخطر حول الوضعية المزرية التي تعيشها أغلب الحمامات التقليدية في المغرب؟ كم من مرة يجب أن نفعل ذلك، حتى نثير انتباه مصالح حفظ الصحة إلى انتشار الأوساخ بشكل فظيع في فضاءات، مهمتها الأولى والأخيرة، توفير شروط الغسل والنظافة للزبناء، مقابل تسعيرة معينة. في سيدي مومن، أحد الأحياء الشعبية الشهيرة في الدارالبيضاء، بلغت درجة غضب الزبناء من حالة الأوساخ المنتشرة في أرجاء إحدى الحمامات التقليدية، حد تفكيرهم في الخروج عراة إلى الشارع، للاحتجاج، لولا أن بعض الأشخاص المتعقلين، الذين لم يستلموا لفورة انفعالهم، أقنعوا الغاضبين بالعدول عن فكرتهم الجهنمية، سيما أن الحمام يوجد غير بعيد عن سوق ترتاده نساء الحي. النقطة التي أفاضت الكأس في هذه القضية هو وجود قمامة الأزبال في مدخل قاعة الاستحمام، تفوح منها رائحة كريهة، زيادة على بقع سوداء تملأ جدران باقي القاعات، تبين أنها بقايا "صابون بلدي"، لم يجر إزالتها من طرف "العاملين "بالحمام، الذين لا يتجاوز عددهم أربعة، واحد منهم فقط، يتقاضى أجرا من صاحب الحمام، بينما الآخرون يقومون بدور "الكسالة" مقابل أجرة، تتراوح قيمتها حسب سخاء كل زبون. تسعيرة الاستفادة من خدمات هذا الحمام هي نفسها المطبقة على باقي الحمامات في الدارالبيضاء، التي تتراوح بين 10 و12 درهما، ما يطرح السؤال حول المعايير المعتمدة لتحديد أثمنة الولوج إلى هذه الفضاءات العمومية، لأن الحمامات التي تفتقر إلى شروط النظافة والصيانة، إما يجب إغلاقها أو وضعها في خانة الحمامات الضعيفة الجودة، ومن ثمة خفض ثمن الاستفادة من خدماتها، ليصبح، مثلا، 5 إلى 6 دراهم. منذ بضعة شهور خلت، هدد عدد من أرباب الحمامات التقليدية، بعدد من المدن المغربية، بالزيادة في تسعيرة الولوج إليها، بسبب ما أسموه ارتفاع أسعار المواد الأولية، مثل الحطب، واليوم بات ضروريا أن تحتج جمعيات المجتمع المدني، كجمعية المستهلكين، وتنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات، والضغط على مصالح حفظ الصحة، لكي تقوم بالدور المنوط بها، في مراقبة شروط النظافة في جميع حمامات المملكة.