فوجئ سعيد، عندما تلقى إشعارا بإيفاده إلى مؤتمر تخصصي في مجال عمله، يعقد في بلد عربي.فالعادة جرت أن يذهب إلى هذه المؤتمرات، فقط، أصحاب الواسطة والنفوذ، وهو ليس منهم. لكن تعجبه زال، عندما عرف أن المدير يحضر مؤتمرا في جزر الكناري، ونائب المدير العام يشارك في دورة في إسبانيا، ووكيل الوزارة موجود في ورشة عملية في تايلاند، ولم يتبق في المديرية غيره، فوقع ترشيحه للمشاركة. وصل سعيد إلى قاعة المؤتمر من الفندق، فوجدها مكتظة بالأشخاص، مع أن كل بلد لا يمثله سوى شخص واحد، فتوجه بالسؤال إلى الرجل الجالس بجانبه، وقال: - إذا كان كل بلد عربي ممثلا بشخص واحد فقط، فلم هناك خمسون شخصا في القاعة؟ هل تضاعف عدد الدول العربية، أم ماذا؟ أجابه الرجل الجالس بجانبه: - يبدو لي أنك تشارك في مؤتمر من هذا النوع لأول مرة، صحيح؟ أجابه سعيد، بنوع من الإحراج: - نعم، بالفعل هذه أول مرة أشارك في مؤتمر من هذا النوع خارج بلدي. ضحك الرجل، وقال له: - هدئ من روعك يا صديقي، سأشرح لك من هم الأشخاص الإضافيون. هل ترى ذلك المندوب؟ خلفه يجلس مترجمه الخاص، لأنه ابن مسؤول كبير في بلده، وعاش في الخارج طول عمره، ولا يجيد العربية، نطقا ولا كتابة. تعجب سعيد، وقال: - سبحان الله، مسؤول عربي في بلد عربي يشارك في مؤتمر عربي، وما يعرف عربي! أكمل الرجل كلامه، وقال: - أما ذلك الرجل، الذي يجلس خلف تلك المندوبة، فهو زوجها، لأن قوانينهم تمنع سفرها وعملها دون محرم ، وبالتالي، فإن زوجها يشغل وظيفة محرم بدوام كامل، ويستلم راتبا ومزايا عن ذلك. هز سعيد رأسه: - ما شاء الله، وظيفة جيدة، وممتازة. أكمل الرجل حديثه: - أما تلك الجميلة، خلف ذلك المندوب، فهي سكرتيرة– عشيقة المندوب، وهي الفقرة الثابتة في جميع مشاركاته. تعجب سعيد، وقال: - هكذا، عيني عينك، بدون حياء؟ وماذا عن ذلك الرجل، خلف ذلك المندوب؟ أجابه الرجل، مبتسما: - هو من ينجز كل الأعمال، لأن المندوب أمي، ولا يجيد القراءة والكتابة، لكنه ابن عم الوزير، فيجري إرساله إلى كل المؤتمرات! واستمر الرجل يعدد كل المرافقين للمندوبين، وفائدة كل واحد منهم، وسعيد يتنهد بحسرة عما وصل إليه العالم العربي من تخلف تقني وعلمي بفضل هؤلاء الخبراء، وأخيرا، قال للرجل، الذي بجانبه: - يبدو لي أنني وأنت الخبيران الوحيدان في هذا المؤتمر، اللذان ليس لدينا مرافق. ضحك الرجل، وقال: - في الواقع، أنا لست الخبير، أنا سائقه الخاص، وأحل محله على الدوام في جلسات المؤتمرات، بينما ينصرف هو للنزهة والتسوق. وكل مؤتمر وأنتم بخير.