في فضاء بهيج وشاسع، تتخلله أعشاب ونباتات أبت إلا أن تحافظ على خضرتها ونضارتها، يوجد ضريح الخيايطة" التابع للجماعة القروية الخيايطة، الساحل أولاد حريز، ضواحي احد السوالم..، المشهور "بعلاج الأطفال"، هذا الضريح الذي وصفه المشرف عنه ب"المهمل والمنسي"، إذ رغم مكانته التاريخية ودوره الطلائعي في استقطاب الزوار إلى الخيايطة، لا يلقى أدنى اهتمام من قبل المسؤولين، يذكر المشرف عليه ذلك بأسف شديد. ولوج الضريح يوحي للزائر بأن المكان له قدسيته عند زواره، فضاؤه الخالي من كل شيء، ماعدا حصير قديم يجلس عليه المشرف على الضريح ورفيق له، لا يمنع بعض النسوة من جلب أطفالهن والتبرك بكرامات الضريح، امرأة تأخذ طفلها إلى عبد القادرالرفاعي، المشرف الأول على الضريح، قصد التخفيف من روعه، بعدما يربت على كتفيه ويهمس له بكلمات غير مسموعة، ثم يأخذه إلى الغرفة حيث يوجد "قبر ولي الضريح"، تلف أمه حول هذه الغرفة أكثر من مرة، لتقنع نفسها أن طفلها سيتعافى لا محالة من بكائه غير المبرر. تمد المرأة دراهم معدودة للمشرف، يأخذها على نحو متعفف، شاكرا للمرأة التي كشفت عن تصديقها لبركات الضريح، مادامت كلفت نفسها العناء وجاءت للتبرك من ضريح طاله الإقصاء والتهميش من قبل المعنيين بالشأن المحلي. غير بعيد عن الغرفة، حيث يدفن الولي، هناك مراحيض تبعث بالنفور، جدرانها متآكله، بعدما تقادم طلاؤها وأبان عن حاجتها إلى الصيانة والتجديد، إذ يذكر عبد القادر الرفاعي أنه لا يملك بدا غير تحمل هذا الوضع، في وقت تطوع فيه أكثر من مرة لإصلاح ما يمكن إصلاحه، لكن دون جدوى، فواقع الضريح يستدعي ترميمات مختلفة، تعيد له مكانته المعمارية والتاريخية، وتساعد المشرفين على استقبال الوافدين عليه، في أجواء تشجع على الزيارة واكتشاف منطقة الخيايطة. نحو الاندثار وبين التطلع إلى الاهتمام بالضريح، نظرا لمكانته الاعتبارية لدى الكثير من الناس، وإغفال المسؤولين لدوره في منطقة الخيايطة، يفيد عبد القادر الرفاعي أن سورا، كان يحيط بالضريح ويؤطر حدوده وسط الخيايطة، تهدم ولم يعد له وجود، في منأى عن تدخل المعنيين وإعادة بنائه، قصد الحفاظ على مركزيته في المنطقة، وهو ما ينبئ بأن الأمر قد يهم الضريح أيضا، ما يعرضه للاندثار يوما، إن أبقي على وضعه المهترئ. وأشار الرفاعي إلى أن ضريح الأطفال هو أهم مرفق يدفع بالزوار إلى زيارة الخيايطة واكتشاف عوالمها، وإن كانت هذه المنطقة نفسها بحاجة إلى تنمية اجتماعية حقيقية تتوافق ومؤهلاتها الطبيعية، في تأكيد منه أن المبادرات الفردية لا تكفي للنهوض بالضريح أو غيره داخل المنطقة. كما أوضح الرفاعي، أن هناك "حوشا" يتضمن 7 قبور لفقهاء عرف عنهم بأنهم ماتوا عزابا، وحوشا آخر فيه 10 قبور لأشخاص عرفوا ببركاتهم وكرامتهم، وهذان "الحوشان" يحظيان بقيمة تاريخية لدى سكان المنطقة طالما دأبوا على زيارتهما شأنهما شأن الضريح، غير أنهما تحولا إلى ركام من الحجارة لا تزال قابعة في مكانها، ومع ذلك صرف النظر عن كل هذه الأمور، التي من المفروض أن تلقى اهتماما خاصا تقي القبور من التلف، وتحافظ على حرمتها ورمزيتها لدى سكان المنطقة. وأكد الرفاعي بصفته مشرفا على الضريح وواحدا من حفدة وليّه، أنه رغم إمكانياته المادية المحدودة، إضافة إلى ما يجود به زوار الضريح، يحاول بين الفينة والأخرى تهيئة الضريح، خاصة مراحيضه غير المجهزة، التي قال عنها إنها "نقطة سوداء وسط الضريح من المخجل تركها على ما هي عليه، لاسيما زوار الضريح الذين يأتون من مختلف المدن ويضطرون إلى استعمالها"، في إضافة منه أن كل هذه المحاولات غير كافية، نظرا لأن مساحة الضريح تستدعي تخصيص ميزانية مستقلة، يستطيع معها الضريح استعادة شكله المعماري وضمان استمرار قدسيته التاريخية. ودعا إلى أهمية تدخل الجماعة القروية للخيايطة، لترميم كل الأجزاء المهترئة في الضريح، وإعادة بناء الأحواش المهدمة، خصوصا أن فترة الصيف تشهد إقبال الزوار، والتبرك بكرامات ولي الضريح الذي اشتهر بقدرته على شفاء الأطفال الصغار من مرض أسماه عبد القادر الرفاعي "مّو الصبيان" من أعراضه الصراخ والبكاء الشديدين. ويشار إلى أن الخيايطة تابعة لإقليم سطات، حيث توجد جنوبالدارالبيضاء على بعد 22 كيلومترا على الطريق الرابطة بين مدينتي الجديدةوالدارالبيضاء، يبلغ عدد سكانها حوالي 17.538 نسمة، حسب إحصاء 2004، و قيل إن الخيايطة تكونت حول عين مائية نضب معينها بسبب قلة النية، كما قال مؤسسها (قد نيتكم قد مائكم) وهو سيدي عبد الله الخياط.