يخوض سكان جماعة أكوديم بإقليم خنيفرة، صراعا شبه يومي مع الأطر الطبية، في المستوصف الوحيد بالمنطقة..إذ لا يكاد يمر يوم دون أن تسجل مشاداة كلامية بين المرضى والطبيبة والممرضتين، اللواتي يجدن أنفسهن مرغمات على مواجهة مطالب السكان، وتحمل غضبهم وتهديداتهم، في أحيان كثيرة. الوصول إلى المركز الصحي المتواضع في بنايته وتجهيزاته، يتطلب، حسب الأطر الطبية هناك، مجهودا مضاعفا، يبدأ بقطع مسافة طويلة، ثم صعود أكثر من مائة درج، للوصول إلى بناية المستوصف، لأنه يوجد في قمة تل. عبرت سلوى لحباب، طبية بالمستوصف، في اتصال مع "المغربية"، عن غضبها واستغرابها لاتهامات السكان لها، بأنها لا تؤدي واجبها المهني، وتعرض حياة الحوامل لخطر الموت، ولا تمنح الأدوية لمرضاها، حسب قولهم. ترد الطبيبة على هذه الاتهامات قائلة "لا أفهم ماذا يريد هؤلاء الناس، نقوم بواجبنا حسب ما يمليه علينا الواجب المهني، ونخاطر بحياتنا لتقديم يد العون لهم، إذ تعرضنا مرات عدة لتهديدات ومحاولات اعتداء، ولم يمنعنا هذا من مواصلة العمل، رغم الظروف الصعبة". وحول الخصاص في الأدوية تضيف الطبيبة "نتوصل بالأدوية كل ثلاثة أشهر، ونحاول ضمان استفادة جميع المرضى منها، لأن المنطقة لا توجد فيها صيدلية، هناك من يتفهم هذا الواقع، لكن الأغلبية تعتقد أننا نبيع الأدوية، ونحرمها منها". كان سكان جماعة أكوديم يشتكون، في السابق، عدم تعيين ممرضة مختصة في الولادة بمستوصف أكوديم، لأنه، حسب حسين، من سكان أكوديم "من العار أن يتولى ممرض عملية الولادة، وبفضل الزيارة الملكية السامية لمنطقة أنفكو، جرى تعيين طبيبة وممرضتين، وإحداهما مختصة في الولادة". يحكي حسين إحدى "المغامرات"، التي وقعت أخيرا في أكوديم، لامرأة حامل قائلا إن المخاض أدركها ليلا، ووقفت مولدة تقليدية إلى جانبها طوال الليل حتى الصباح لمساعدتها على الولادة، لكن حالة الحامل كان تنبئ بأن الولادة لن تكون عادية، ويتطلب الأمر إجراء عملية قيصرية، لإنقاذ الأم وجنينها. يضيف حسين أن قريبة للحامل ذهبت عند الطبيبة، فواجهتها الأخيرة قائلة إنها لا تستطيع فعل شيء (ماعندي ماندير ليكم)، أما الطبيبة، فتقول حول هذه "الواقعة"، إن "الوضع تغير، وفي مثل هذه الحالات نقف عاجزين، لأن المستوصف لا يتوفر على التجهيزات الضرورية لعملية التوليد، خاصة إذا تعلق الأمر بعملية قيصرية". بعد ذلك، جرى استدعاء سيارة خاصة من تونفيت، التي تبعد عن أكوديم ب 30 كيلومترا، وعندما وصلت الحامل إلى مركز الولادة بتونفيت، كانت في حالة سيئة بسبب التأخر، لأنها لم تصل في الوقت المناسب، ما استدعى نقلها إلى مستشفى ميدلت، وبفضل مجهودات أطر هذا المستشفى، جرت الولادة دون عملية قيسرية. سبقت هذه الحالة، حسب مصدر "المغربية"، حالات عديدة، غالبا ما انتهت بموت الجنين أو الأم، أو هما معا.