وأنت تسير عبر شارع مولاي يوسف الفسيح، وسط مدينة الدارالبيضاء، يستوقفك فضاء أخضر، تتعدى مساحته 300 متر مربع تقريبا، دائري الشكل، محاط بسياج، كإحاطة السوار بالمعصمموقعه استراتيجي، وتتخلله أشجار باسقة، تكاد تنطق بما تعانيه من مناظر مقززة، بعدما بهتت خضرتها، وذبلت أزهارها. إنها "حديقة بوردو"، المتنفس الوحيد لسكان حي بوركون، الذي يفتقر الى مجموعة من التجهيزات، ووسائل الترفيه واللعب الخاصة بأطفال المنطقة. هذه الحديقة تفتقر أيضا الى الحراسة، كما أنها أصبحت فضاء لرمي النفايات والأزبال، وأضحت كراسيها أسرة لبائعات الهوى، ووكرا للدعارة، وكما تحولت هذه الحديقة إلى معقل للمشردين والمتسكعين ومتعاطي المخدرات ومخبأ للصوص المتربصين بالمارة. السكان المجاورون للحديقة لا يكفون عن تقديم الشكاوى إلى السلطات العمومية، بسبب تزايد السلوكات اللاأخلاقية والمقرفة، التي يمارسها روادها في الليل، بينهم سكارى ومراهقون، دون اعتبار للقيم الأخلاقية والاعتبارات الاجتماعية. نادية بكار (40 سنة)، موظفة بالقطاع الخاص وأم لطفلين، تقول "للأسف الشديد أصبحت أفضل أن أبقى حبيسة البيت مع طفلي على أن أتردد على هذه الحديقة، التي تفتقر إلى جميع وسائل الراحة والترفيه والأمن". خديجة المنصوري (65 سنة) تتذكر أن هذه الحديقة كانت في الماضي البعيد جميلة وهادئة، يقصدها الناس للاستمتاع بخضرة أشجارها، حيث يلهو الأطفال بكل حرية، لكن اليوم، تغيرت الأمور، وأصبحت أجواء الحديقة تبعث على التذمر والاشمئزاز، بسبب ما تعرفه من أوساخ وأزبال وانعدام الأمن ووجود المتسكعين واللصوص". ورغم هذه الأجواء المحبطة، يبقى الأمل في جمعية "شباب البرج"، التي تسعى جاهدة، بتنسيق مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، لإعادة الحياة والنور والأمن والسلام، إلى هذا الفضاء المنسي، إذا ما جرت الموافقة على مشروع الإصلاح من طرف مجلس المدينة.