ما يزال الحزن يخيم على بيت الطفل عماد الدحاوي، الذي وقع ضحية خطأ طبي في شهر غشت من سنة 2007، بسبب عدم استعادته لعافيته واستمرار حاجته إلى كثير من المال لتلقي ما يحتاجه من رعاية طبية وتسديد نفقات الترويض الطبي في مركز نور في بوسكورة..وإلى كثير من الجهد والرعاية الاجتماعية والنفسية من قبل أسرته، تماشيا مع احتياجاته التي يفرضها سنه ووضعه الصحي. وعاشت أسرة عماد محنة كبيرة، ذات فصول متعددة، بعد أن واجهت إكراهات واقعية لإنقاذ حياة ابنها وإخراجه من حالة الإعاقة التي دخل عالمها فجأة، وأخرى وإكراهات قانونية أخرى لإثبات الخطأ الطبي وتحديد مسؤولية الطبيب الجراح والطبيب المخدر ومصحة الضمان الاجتماعي، حيث خضع لعملية جراحية. وما تزال قضية عماد الدحاوي معروضة على القضاء، إذ رفع دفاعه دعوى قضائية استعجالية لمطالبة إدارة "مصحة الأم والطفل"، التابعة لمؤسسة الضمان الاجتماعي بتحمل مسؤولية الخطأ الطبي، الذي وقع في قاعة جراحتها، وبالتالي تسديد المصاريف الطبية جميعها التي يحتاجها الطفل، وأداء نفقات حصص الترويض الطبي، التي يخضع لها في مركز الترويض الطبي نور الواقع في بوسكورة. وتحدث جد عماد أن مصحة الضمان الاجتماعي المذكورة، توقفت عن أداء نفقات الترويض الطبي، ومانعت عن تسديدها بعد أن فعلت ذلك لمدة ستة أشهر، بدعوى "أن الأسرة لم تتنازل عن الدعوى أمام المحكمة". ونتيجة ذلك، يتحمل الجد، التكلفة المالية الباهظة لخضوع الطفل لحصص الترويض الطبي، إذ يلتزم بأداء 17 ألف درهم شهريا، وهو ما دفع بمحاميه إلى رفع دعوى استعجالية أخرى، لحمل المؤسسة الصحية والمؤسسة المؤمنة لها على تحمل الأعباء الطبية، للرفع من حظوظ تماثل عماد للشفاء واستعادة حركته، سيما أن حالته الصحية آخذة في التحسن، وإن كانت تسير بوتيرة بطيئة وتحتاج إلى صبر من أسرة الطفل. فبعد أن كان عماد غارقا في غيبوبة تامة وفاقدا لحركة أطرافه العليا والسفلى، أصبح الآن قادرا على تحريك يديه ورجليه، وأضحى بوسعه سماع المتحدثين إليه وفهم ما يعبرون عنه، بعد أن استعاد ذاكرته. لكن المشكل المطروح، أنه عاجز عن الحديث والتواصل شفهيا مع من حوله، ويحتاج إلى مزيد من حصص الترويض الجسدي والصوتي، إذ ما يزال إلى حدود كتابة هذه الأسطر بمركز نور للترويض الطبي. ويعود سيناريو الحادث إلى ليلة 21 من شهر غشت الماضي، حين أدخل عماد المصحة عقب عجزه عن تحمل الآلام التي ألمت به في الجانب الأيمن من بطنه، إذ أوضح الأطباء بعد الكشف عليه أنه يشكو من "الزائدة" وأن حالته غير خطيرة، لكن بعد أن اشتد ألمه قرروا إدخاله المستشفى وانتظار اليوم الموالي لإخضاعه للتحاليل الطبية والكشوفات بالأشعة قبل إزالة الزائدة. وبعد دخول عماد إلى قاعة الجراحة وخضوعه لجرعة التخدير، توقف عمله عن العمل لبرهة ودخل في شبه غيبوبة تامة، تطلب من الفريق الطبي طلب نجدة طبيب مختص في الإنعاش، ما ساعد على إعادة الحياة إلى قلبه بعد فترة من إسعافه. وبعد ذلك دخل الطفل في غيبوبة، وظل فترة طويلة مقيما في قسم الإنعاش. وحين زارته "المغربية" في تلك الفترة، وجدته جثة هامدة، مستلقيا على ظهره، عيناه مغمضتان، وأطرافه ساكنة لا حركة فيها. لا يستجيب لمن يتحدث إليه ولا يعلم شيئا عن العالم الجديد، الذي دخله. في بادئ الأمر، ذهبت شكوك الأسرة إلى تعرض الطفل إلى جرعة زائدة من المخدر، سيما أن عملية التخدير لم يجرها طبيب متخصص في المجال، بل أجرتها ممرضة، لكن تمكنت الأسرة ، بطرقها الخاصة، التوصل إلى أخبار مفادها أن قناع الأوكسجين كانت به أعطاب تقنية، ما أخر عملية بلوغ الأوكسجين إلى دماغ الطفل خلال عملية التنفس الاصطناعي، التي يلجأ إليها عادة أثناء العملية الجراحية. وتطلب الوضع الصحي للطفل مكوثه داخل غرفة الإنعاش لفترة امتدت إلى قرابة 60 يوما، بعدها بدأ يستفيق من غيبوبته رويدا رويدا، تحملت خلالها مؤسسة الضمان الاجتماعي النفقات الطبية الخاصة بذلك، وبعدها بدأت إدارة المؤسسة تطالب أسرة عماد بنقله إلى مركز نور للترويض الطبي، لكنها مانعت في بادئ الأمر، إلا بعد توفرها على ضمانات تسديد نفقات التطبيب في المركز. يشار إلى أن عماد، الذي كان يتابع تعليمه الأولي في مدرسة حرة، لم يعد يلتق زملاءه وأصدقاءه، بل ضاعت عليه فرصة متابعة دروسه التعليمية، ومصاحبة أقرانه في سيارة النقل المدرسي وممارسة الشغب الطفولي. يذكر أن عماد يتيم الأم والأب، فقدهما في اليوم والساعة نفسها، بعد حادث مؤلم، ويتكفل به حاليا جده من الأم وخالته، ويحاط برعاية خاصة من قبل جميع الأقرباء والأصدقاء، ويتمنون له العافية الربانية ليعود إلى ممارسة حياته بشكل طبيعي.