صوت، في الخامس عشر من فبراير الجاري، 334 من أعضاء الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة في مصر، البالغ عددهم الإجمالي 380 عضوا، ضد تعيين المرأة في الوظائف القضائية بالمجلس المذكور. وبهذا التصويت، يكون قضاة مجلس الدولة، وكلهم ذكور، ومعظمهم محافظون، رسموا صورة سيئة أخرى لبلادهم، تتخلف عما عرفته هذه البلاد قبل آلاف السنين من تاريخها العريق. وتبدو الصورة الجديدة، التي رسمها "آخر الذكور"، في القرن الحادي والعشرين، ل"أم الدنيا"، أسوأ من صورتها في العهد الفرعوني، الذي احتلت فيه المرأة المصرية مواقع قيادية في الدولة والمجتمع، وأتعس من صورتها في العصر الوسيط، الذي شغلت فيه تلك المرأة، أحيانا، قمة الهرم القيادي. والمثير في الأمر، أن ذكور مجلس الدولة المصري لم يكتفوا بتأويل دستور بلادهم حسب جنسهم، فقط، بل سقطوا في تناقضات تكشف عن غباء كبير. وهكذا، ففي الوقت الذي اندفع هؤلاء لسد أبواب مجلس الدولة في وجه النساء، باعتباره محكمة للفصل في النزاعات بين الدولة والأفراد، غاب عنهم أن النساء المصريات يمارسن ما هو أهم من ذلك، باعتبارهن برلمانيات يشرعن للبلاد، دولة ومجتمعا. وغاب عنهم، كذلك، أن النساء أنفسهن يضعن السياسات العمومية، ويشرفن على تنفيذها، من خلال دورهن، رغم محدوديته، في الحكومات المصرية المتعاقبة. وبالمقارنة مع وضعية المرأة في تونس والمغرب، على سبيل المثال، وموقعها في مراكز القيادة في مختلف أسلاك الوظائف العامة، بما فيها السلك القضائي، تجد "أم الدنيا" نفسها في المؤخرة، بسبب تزمت أبنائها الذكور.