اتسعت زوبعة فضائح الفساد في الجزائر، وعلا غبارها، بعد أن قيل إن الرئيس بوتفليقة، مستاء من صورة بلاده في مرآة الرشوة العالمية، التي يمثلها التقرير السنوي لمنظمة "ترانسبارنسي الدولية"، وتفاقمت تحت الغبار الكثيف لتلك الزوبعة ارتباكات مراكز القرار السياسي والاقتصادي. وهكذا، فبعد أن كان عملاق الاقتصاد الجزائري "سوناطراك" (الشركة الوطنية للمحروقات) عين محامين لمؤازرة كبار مسؤوليه المتابعين قضائيا، "أزال الله الغشاوة عن بصره"، و"فتح عليه"، فانتبه إلى أن الذين يؤازرهم متهمون بنهب المال العام، وأن عليه أن يصطف في طابور ضحايا هؤلاء. واختلط الحابل بالنابل تحت الغبار الكثيف للزوبعة سالفة الذكر، ورفع زعيم الحزب الثالث، الشريك في الحكومة الجزائرية، عقيرته بالصراخ، بعد أن غطت الزوبعة وزيرين ينتميان إلى حزبه، فضلا عن عدد من أطر الحزب. وأعلن الزعيم المذكور أن هنالك من يرمي كوادرنا "بشبهة الفساد للتغطية على فسادهم"! ولهذا الزعيم، وهو السيد أبو جرة سلطاني، رئيس "حركة مجتمع السلم"، قصة طريفة مع الفساد، تعزز اختلاط الحابل بالنابل. وبدأت هذه القصة بخرجة مدوية للسيد سلطاني، سنة 2008، وهو، يومئذ، وزير دولة، وأعلن عن عزمه على شن حرب لا هوادة فيها على الفساد، ووصل به الأمر إلى التصريح للصحافة بأنه يتوفر على لائحة للمفسدين، ترقد في أدراج مكتبه، سيكشف عنها. وبعد هذه الخرجة، غضب الرئيس الجزائري، الذي لا يتحمل أن تتجه الأضواء إلى غيره، وتحدى سلطاني في خطاب عام، فتبخر صوت الزعيم، ولم يظهر للائحته أثر. وعندما امتدت الزوبعة إلى ممثليه في الحكومة، قال إنه ما زال يدفع ثمن محاربة الفساد. ويزداد الأمر التباسا وغموضا، في غياب أي مرجعية ذات مصداقية يحتكم إليها. وعندما يذكر القضاء، تطرح التحفظات والشروط، التي تسمح لكل جهة بتأويل أحكامه على هواها.