تنامت أساليب التحرش الجنسي مع التطور التكنولوجي، وأضحت المعاكسات تأخذ وجهات متعددة، إذ أضحى الإنترنت والهواتف المحمولة وال "إس. م. س"، وسائل لها وقعها للتحرش عن بعدفيتنوع التحرش ويتجاوز الأساليب التقليدية المعرفة سلفا ب"البصبصة" أو المعاكسة اللفظية في الشارع العام، أو المحلات التجارية، أو الحافلات، أو أمام المؤسسات التعليمية، ومحطات الحافلات. عن هذا الموضوع أكد علي كشاني، أستاذ باحث، أن التحرش "عنوان صعوبة التواصل بين الجنسين، فعندما يضطر شاب إلى معاكسة شابة، فيعني أنه يريد أن يعبر لها عن إعجابه ويفتح معها خطا من أجل التعارف، بغض النظر عن نواياه"، فيما اعتبر أحمد، مجاز في الحقوق، أن هذا الطرح لا يتوافق ومجتمعنا، مبرزا أن التحرش هو "وسيلة لتفريخ كبث المشاعر، وممارسة سادية للرجل على المرأة وتعنيف مجاني لحرمتها وشخصيتها"، فهذا الشاب المعاكس يضيف محدثنا، "يستعمل كلمات ما بين المجاملة في المرحلة الأولى والقدحية عندما ترفض هذه الأخيرة الإدعان لرغباته"، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة "لم تعد تخص فئة عمرية معينة أو مرحلة حياتية مضبوطة، بل تعدت ذلك إلى أشخاص وأعمار متقدمة". الشيء نفسه أكدته حليمة، ممرضة، وقالت إن المتحرش بالمرأة في الشارع العام عندما لا يفلح الكلام المعسول في استمالة الفتاة، يمطرها بوابل من الكلام الجارح من قبيل "شكون داها فيك"، "وستري راسك أعوجة السنان" و"كثرتو أبنات ...."، واستطردت قائلة، "إنني لا أمانع في أن يتحرش الشباب بي أو بالفتيات، فهذه ظاهرة صحية، شريطة أن يحترم هؤلاء الشباب حرية الفتيات في التحدث من عدمه". من جانبه اعتبر سمير، مستخدم، أن التحرش أضحى "وسيلة يستغلها أرباب الشركات والمدراء ومن هم في مراكز القوة في الشغل للتأثير واستمالة الفتيات، مستغلين بذلك رغبة هؤلاء في الفوز بوظيفة أو شغل قار"، وقالت نوال، إحدى ضحايا هذا النوع من التحرش، الذي وصفته ب"البروفيتاج" إن المسؤول عن الشركة "لا يهمه ديبلوماتك أو سيرتك الذاتية، بقدر ما يهمه قدك وجمالك وتصفيفة شعرك، وقبولك في الشغل رهين بأن تصبحي خليلة المسؤول". وقالت نعيمة، مستخدمة، إن التحرش تحول من خلال المعاكسة اللفظية إلى "تحرش جنسي باستخدام المحمول"، واشتكت محدثتنا من توصلها المستمر بمكالمات ورسائل إليكترونية جنسية من أشخاص لا تعرفهم وتهديدات في بعض الأحيان من طرف المتصلين بأنهم يعرفون عنها كل شيء، وأن عدم استجابتها لرغاباتهم المكبوتة، سيؤدي بهم إلى الانتقام منها، وطالبت نعيمة، الجهات المسؤولة ب"العمل على تطبيق قانون يجرم التحرش لحماية المرأة من هذه الممارسات غير الأخلاقية، باعتبار التحرش جريمة"، وشبهت التحرش أيضا ب"الاغتصاب اللفظي من خلال عبارات نابية يندى لها الجبين، دون تفريق بين المتزوجة وغيرها، كلام يجعل البيض في سلة واحدة كله فاسد" . من جانبها اعتبرت سكينة، فاعلة جمعوية، أن التحرش لا يرتبط بسن المرأة ولا بجمالها بل إن المتحرش لا ينظر إلى المرأة باعتبارها كبيرة أو صغيرة أومتحجبة، ما يهمه أن تكون أنثى، مبرزة أن الفئة العمرية، التي تتجاوز الثالثة والعشرين هي التي "تحتل المرتبة الأولى، وطالبات المدارس هن الأكثر عرضة للتحرش، وأن الشكل الأكثر شيوعا في التحرش هو اللمس"، وبخصوص ردود الفعل إزاء هذا السلوك، أكدت رشيدة، طالبة، على أن "السب والشتم هو الحل، وهناك نساء وفتيات يلجأن إلى العنف دفاعا عن النفس، خصوصا اللواتي تعلمن فنون الحرب لحماية أنفسهن إذا ما تعدى التحرش اللفظي إلى مرحلة اللمس". إن موضة التحرش، انتقلت بشكل ملفت إلى المقاهي حيث يختار الشباب بعناية أماكن في المقهى المطلة على الشارع ويقومون بعملية مسح لكل الفتيات المارات، يؤكد طارق، مشيرا إلى أن الكثير من فتيات المؤسسات التعليمية وطالبات الكليات "يغريهن الثناء وتلتحقن بالشلة من أجل ارتشاف كأس قهوة وتدخين سيجارة، قبل أن تقطع على نفسها وعدا بلقاء لاحق، غالبا ما تخلف ميعاده". وبالنسبة لشابة فضلت عدم ذكر اسمها، ف"التحرش عاد ولا يتطلب سن قانون لتجريمه"، مؤكدة أن كل فتاة منا "تتزين طيلة ساعات أمام المرآة من أجل أن يعجب بها الشباب، وكثيرات منا يغضبن بل يصبن بإحباط عندما لا يلتفت إليهن أحد، ولا يتحرش بهن أحد، حتى لفظيا"، واعتبرت زميلتها سعاد في السياق ذاته أن العديد من الفتيات "يكن في أحيان متعددة متارا للتحرش بسبب لباسهن وطبيعة مشيتهن، وهذا الأسلوب نوع من تحرش النساء بالرجال"، الفرق، تؤكد محدثتنا أن المرأة "تستعمل تحرشا مرئيا، فيما الرجال يضطرون في بعض الأحيان لاستخدام خشونتهم وقوتهم لاستمالة المرأة، وهذا ما يبرز أن التحرش له وجوه متعددة ما بين السلمي العادي، الذي يكون سريع الانسياب، والعنيف، الذي يؤدي إلى اعتباره جريمة يعاقب عليها القانون".