احتضنت قاعة الجلسات، بمحكمة الاستئناف بمدينة خريبكة، صباح يوم الجمعة المنصرم، لقاء تواصليا حول الإعلام، إذ كان هذا اللقاء بمثابة محطة تواصلية مع الجسم الصحافي المحليوعرف تقديم عرض للرئيس الأول للمحكمة، عبد العزيز الواقيدي، تحت عنوان "حرية الصحافة وتأثيرها على المحاكمة الجنائية"، حضره ممثلو عدد من الصحف الوطنية ومراسلو بعض الإذاعات، ورجال القانون، من قضاة ومحامين ومهتمين. وأشار عبد العزيز الواقيدي، الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بخريبكة، في تدخله، إلى أن هذا اللقاء التواصلي، هو الخطوة الأولى لمد جسور التواصل، ستتبعها مجموعة من اللقاءات التواصلية مع الصحافيين، في إطار العمل المشترك، لأن الإعلام شريك أساسي في بناء مجتمع ديمقراطي، ولأنه أصبح يلعب دورا حيويا ومؤثرا في كافة مناحي الحياة المعاصرة، بعد التدفق الهائل للمعلومات والزخم الكبير لكثير من المستجدات في مجال حقوق الإنسان والحريات العامة، وإلى جانب ذلك، فهو شريك أساسي في توعية المواطن، من حيث تعريفه بواجباته وحقوقه القانونية، وأضاف أن الصحافة أصبحت تلعب دور الرقيب على ما يجري من محاكمات، وهي بذلك مسؤولة عن إعطاء المعلومة للرأي العام، بشكل أدق وبكل شفافية، في إطار ما يسمح به القانون. وأوضح عبد العزيز الواقيدي، أن بعض الصحافيين أصبحوا يجرون وراء الإثارة والتشويق، إلى حد المساس بحرمة المتهمين، حين يتعلق الأمر بنشر صورهم أو تصريحاتهم بطرق مختلفة، أو كأن ينحازوا إلى تبرئة المتهم وإبراز ضعف أدلة الاتهام، وقد يكون ذلك بالقذف وإثارة جهات ضد أخرى. كما قد يكون ذلك على حساب خرق سرية البحث، خلال أطوار التحقيق، عند الضابطة القضائية أو قاضي التحقيق، وهو ما يؤثر سلبا على مجريات المحاكمات. وفي المقابل، أكد الرئيس الأول للمحكمة، على حق الصحافي في التوصل إلى المعلومات ونقل الأخبار بالسرعة المطلوبة، لأن ذلك لم يعد فقط حقا من حقوق الإنسان، ولكنه أمسى شرطا أساسيا من شروط المحاكمة، لأنه يتضمن حق المواطن في الإعلام. لكن ذلك لابد أن يجري تحت ضوابط قانون حرية الصحافة، وأخذ إذن رئيس المحكمة. كما أن المشرع استهدف فتح أبواب المحاكم ومراقبة سيرها، ونقل ما يدور داخلها من أجل هذا الهدف، شريطة أن يتوفر عنصر الأمانة دون سوء نية مسبقة، كحذف أو تركيز على وجهات أحد الأطراف، بهدف التأثير على سير المحاكمات. وخلص عبد العزيز الواقيدي في عرضه، إلى بعض الإجراءات، من أجل بناء جسر التواصل والتعاون بين مؤسسة القضاء والجسم الصحافي، كعقد ندوات مشتركة ومستمرة بين رجال القانون والإعلاميين، وتنظيم حلقات تكوينية في ميدان التخصص القضائي، وإدراج مواد قانونية ضمن مقررات المعهد العالي للصحافة. كما انصبت جل المداخلات على أهمية تمتع الصحافي بقدر كبير من الحرية، وحقه في المعلومة، ونشر ما يدور في ردهات المحاكم للرأي العام بالسرعة والدقة المطلوبتين، بعيدا عن الإثارة الرخيصة والتشويق البعيد عن الحقيقة بهدف تجاري محض. يذكر أن الحديث عن حرية الصحافة في علاقتها مع المؤسسة القضائية أصبح ذا أهمية قصوى، سيما بعد التراجع اللافت في المكتسبات التي تحققت لدى الإعلاميين، بعد سنوات من النضال لتحقيق قدر من الحرية، من أجل إعلام مسؤول وجدي، وكان لابد من خطوة في طريق تصحيح العلاقة التي تربط الجسم الصحافي بمؤسسة القضاء، وهو ما دعا بعض الفرق البرلمانية لأحزاب الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة، وبدعم من حزب التقدم والاشتراكية والحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، إلى حوار وطني موسع حول" دور ومستقبل وسائل الإعلام في المجتمع المغربي".