حذّرت وزارة الداخلية في عدة مرات من تنامي ظاهرة نشر صور وفيديوهات مفبركة التقطت خارج المغرب، مع تقديمها، بشكل تضليلي، على أنها تتعلق بأحداث ووقائع جرت بالمملكة، أو استغلالها لالتماس الإحسان العمومي. وأوضحت الوزارة ، أن نشر هذه الأخبار من لدن مواقع إلكترونية ، وصفحات مواقع التواصل “يتم دون التحري عن حقيقتها والاستقصاء والبحث عن مصادرها الأصلية”، منبها إلى خطورة هذه الأفعال “التي من شأنها إيهام الرأي العام بوقائع كاذبة ووهمية، وما تشكله بذلك من إثارة للفزع بين الناس وإخلال سافر بالنظام العام”. كما شدّدت الوزارة ، على أنه “سيتم اتخاذ جميع التدابير القانونية من طرف السلطات المختصة لتحديد هويات الأشخاص المتورطين في الترويج لهذه الافتراءات والمزاعم”. وأظهرت الأحداث المتواثرة في جرادة أن هناك انتشار لأخبار زائفة في مواقع التواصل الاجتماعي تريد خلق الفتنة والترويج لأخبار غير صحيحة وصور مفبركة من أجل نشر الحقد والكذب وتزوير الحقائق. ورغم البلاغات الصادرة عن الجهات الرسمية والسلطات المحلية للرد على الأخبار التضليلة والصور الكاذبة إلا أن هذه المحاولات تحركها أيادي وعقول جاحدة تريد زعزعة الإستقرار و الأمن. و نفى مصدر رسمي صحة المزاعم التي نشرتها بعض الصفحات والحسابات على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، مساء أمس الأربعاء، والتي ادعت فيها بأن "سيارات تابعة للقوات العمومية تعمدت دهس عدد من المواطنين بجرادة وتسببت لبعضهم في إصابات جسدية بليغة". ودحض المصدر ذاته، تسجيل أية عملية دهس متعمدة أو حصول أضرار جسدية خطيرة جراء أي دهس مفترض، نافيا بذلك التصريحات والتعليقات والتدوينات التي ظهرت، أو نشرت في أعقاب شريط فيديو تم الترويج له على نطاق واسع في الإعلام الإلكتروني مساء أمس الأربعاء. وفي تعليقه على هذا الشريط، أوضح نفس المصدر بأن الأمر يتعلق بسيارات تابعة للقوات المساعدة كانت تحاول الالتحاق بمنطقة قريبة من حي السلام بجرادة، في المنطقة التي توجد بها المقالع العشوائية وآبار استغلال الفحم، المعروفة محليا ب"الساندريات"، وذلك لفك الحصار الذي فرضه مئات الأشخاص، الذين كانوا مدججين بأسلحة بيضاء و بالحجارة، على عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة التي كانت مرابطة بعين المكان. وعرفت أحداث جرادة شغب وعنف خطير تسبب في إصابة العديد من رجال القوات العمومية إصابات خطيرة. كما أظهرت أحداث تزعم عناصر من جماعة العدل والإحسان واليسار الجذري لأحداث والركوب عليها. في حين قالت مصادر أن المتجمهرون اعترضوا مسار سيارات القوات العمومية ورشقها بالحجارة، وهي اللقطة التي ظهرت في الشريط حيث تفادى سائق إحدى السيارات الاصطدام مع أحد المتجمهرين، في حين كانت التعليقات والتصريحات المصاحبة للشريط تزعم بأنه تم تسجيل عملية دهس متعمدة نجم عنها إصابات جسدية، وهو ما فنده بشكل قاطع المصدر الرسمي. وكانت عناصر قوات حفظ النظام، بما فيها عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، قد انتشرت صباح أمس الأربعاء بمحيط مدينة جرادة، وتحديدا بالقرب من مكان وجود " الساندريات"، لمنع عدد من الأشخاص من النزول إلى الآبار العشوائية لاستخراج الفحم، ضمانا لحمايتهم بعدما كثرت مؤخرا حالات الاختناق، غير أن المتجمهرين حاصروا تلك القوات العمومية وقاموا بإضرام النار في عدد من آلياتها ومركباتها، فضلا عن تعريضهم للعنف والرشق بالحجارة، مما تسبب في أضرار بدنية وخسائر مادية مهمة. وتجدر الإشارة أن المتتبع لحركة الاحتجاجات التي تعرفها بلادنا مؤخرا، أو لما يسمى ب"التوترات الاجتماعية"، يلاحظ انتشار عدد من الصفحات والحسابات الفايسبوكية التي تراهن على تأجيج الأوضاع الأمنية والاجتماعية عبر تصريف رسائل عدمية، حيث غالبا ما يتم نشر صور لضحايا مفترضين، أو أشرطة لعمليات دهس مزعومة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الجهات التي تقف وراء تلك الصفحات المشكوك فيها، والأجندات التي تخدمها. واللافت للانتباه في هذا الصدد، أن مدينة جرادة أصبح لها، في غضون أيام قليلة، العشرات من الحسابات والصفحات الفايسبوكية الناطقة بإسمها، والتي تنشر صورا لأشخاص مصابين وجرحى، وهي نفسها الصور التي سبق أن ظهرت في أحداث الحسيمة، وأكدت التقارير الإعلامية والبيانات الرسمية وقتها بأنها صور مفبركة أو أنها تتعلق بضحايا لحوادث إجرامية، كما هو الحال بالنسبة لصورة ضحية حادثة سير بمدينة أكادير، أو صور لنساء وأطفال مستوردة من النزاع السوري. إنها فعلا " مؤشرات الحرب الدعائية" التي تراهن عليها بعض الجهات الداخلية، وحتى الخارجية أحيانا، وذلك في محاولة لجرّ السلطات العمومية لمواجهة مباشرة ستكون لها تداعيات على الأمن المجتمعي، وعلى صورة المملكة المغربية في الخارج، خصوصا على مستوى السياحة والاستثمار الخارجي، وهو ما يقتضي مزيدا من التبصر واليقظة إزاء مختلف التدوينات والتعليقات والإصدارات التي تتنامى وتتغذى على الإشاعة المغرضة وعلى الخبر الزائف. ملحوظة لا بد منها إتضح أنّ وسائل التواصل الاجتماعي ليست مجرد متفرج أو مراقب سياسي،بل إنّها تعمل بنشاط ومن ورائها داعمين لها،إضافة إلى أولئك المتصيدون الذين ينشرون الكذب والتشويه والإيديولوجيات المتطرفة. لابد من التنبه لخطورة هذه الأدوات والتذكير دائما بأنها منذ نشأتها لعبت دورا سلبيا في إثارة الفتن والنعرات والعمل على تقوية أدوات التطرف في العالم. إنها أداة حرب بإمتياز،هدفها التدخل في شؤون الدول والأنظمة الحرة التي أثبتت قدرتها على المقاومة والصمود في وجه كل المتربصين بالأمن القومي وسلامة وإستقرار الشعوب.