في مواجهة الارتفاع الشديد في كلفة الطاقة، يزداد الوضع صعوبة على المدارس الحكومية البريطانية التي تبحث عن حلول جذرية تسمح بتجنيب التلاميذ البرد الذي قد يضطرهم لارتداء معاطفهم خلال الدروس في الشتاء المقبل. لم تجد ريتشل ووريك، التي تدير مجموعة من ثلاث مدارس في جنوبإنجلترا، سوى عبارة "ارتفاع هائل" لوصف الوضع. في الأوقات العادية، تصل ميزانيتها للغاز والكهرباء إلى 250 ألف جنيه استرليني (289 ألف يورو) في السنة. ولكن الارتفاع السريع في أسعار الطاقة منذ عام أوصل فاتورة الطاقة إلى 1,1 مليون جنيه استرليني (1,27 مليون يورو). وقالت لوكالة فرانس برس بقلق: "نحن بصدد البحث عن 900 ألف جنيه استرليني إضافية غير مدرجة في الميزانية، هذا ضغط هائل". تعاني المملكة المتحدة من تضخم تخطى العشرة في المائة، وهو المستوى الأعلى بين دول مجموعة السبع، فيما من المتوقع أن يزداد الوضع سوءا في ظل الزيادات المتوقعة في أسعار الطاقة. وفي حين تبدو الأسر محمية بسقف سعر تفرضه السلطات العامة – سيزيد بنسبة 80 في المائة في أكتوبر – لا يوجد أي إجراء مشابه يتعلق بالشركات والمؤسسات العامة. وتؤثر الأزمة على جميع القطاعات، من الحانات إلى المستشفيات. وبعد عامين طغت خلالها جائحة كوفيد على العودة المدرسية، بات على مديري المدارس الآن التعامل مع أزمة جديدة في ظل ميزانيات جرى تحديدها قبل الحرب في أوكرانيا وارتفاع أسعار الطاقة. يقول بول غوسلينغ، مدير مدرسة ابتدائية في إكسموث (جنوبإنجلترا) ورئيس الرابطة الوطنية لمدراء المدارس، "مما أسمعه من مدارس أخرى، فإن الأسعار ستتضاعف مرتين أو ثلاثة على الأقل". ويأتي ذلك فيما يجب على المدارس أن تمول زيادة رواتب موظفيها بنسبة 5 في المائة أعلنت عنها الحكومة هذا الصيف، من دون مساهمة إضافية منها. يشير ستيف شالكي مؤسس مجموعة مدارس "أواسيس" المكونة من 52 مدرسة، إلى أن "الكتب أغلى ثمنا، والطعام أغلى ثمنا، وكل شيء أغلى ثمنا ". نتيجة لذلك، يبحث مدراء المدارس في كل مكان عن وسائل لتوفير المال. ويقول شالكي "هذه خيارات صعبة"، لافتا إلى احتمال زيادة أحجام الفصول الدراسية وإلغاء الرحلات المدرسية أو حتى خفض التدفئة درجة أو درجتين. ويقول "يقترح البعض اعتماد أسبوع من أربعة أيام. إغلاق المدارس ليوم واحد. ولكن لا يمكننا فعل ذلك (…) إذا قمنا بذلك، كيف سيذهب الأهالي إلى العمل". تخطط ريتشل ووريك لتقليل استهلاك الطاقة في مدارسها بنسبة "20 إلى 30 في المائة"، عبر إجراءات "واضحة". وتقول "سنقوم بخفض التدفئة وإطفاء الأنوار. سنطلب من الطلاب والموظفين ارتداء ملابس أكثر دفئا. لكن هذا لا يتعلق على الإطلاق بحجم الادخار الذي يجب علينا القيام به". لذلك، يناشد الجميع رئيس الحكومة الجديد الذي سيعين الاثنين. ويقول بول غوسلينغ "ستحتاج جميع الخدمات العامة إلى تحديد سقف للأسعار"، كما يجري مع الأفراد والأسر. ويشير مثل غيره من مدراء المدارس، إلى سنوات من التقشف في تمويل التعليم. ويقول "إذا لم تفعل الحكومة شيئا، ستسعى المدارس إلى تحقيق توازن في ميزانيتها عبر اقتطاعات في إنفاقها"، خصوصا عبر تقليل عدد موظفيها مثل المساعدين التربويين. ويضيف "لكن هذا ليس أمرا جيدا، لأنه سيعاقب التعليم الذي يتلقاه الأطفال". وتبدو وزارة التعليم "على علم بالضغوط التضخمية التي تواجه المدارس". فقد أعلنت الحكومة في بيان وصل إلى فرانس برس أنها "زادت التمويل بمقدار أربعة مليارات جنيه استرليني هذه السنة". كما قد مت توصيات للمدارس بشأن عروض إمدادات الطاقة. خلال الحملة لاختيار رئيس حكومة جديد، وعد المرشحان النهائيان ليز تراس وريشي سوناك بمساعدة المدارس في تحمل التكاليف الإضافية. يقول ستيف شالكي "وصلنا إلى هذا الوضع لأننا قررنا دعم الأوكرانيين. من خلال القيام بذلك، هناك بالطبع ثمن يجب دفعه ولكن لا يوجد سبب كي يكون الأطفال هم من يدفعوه".