طال أمد الإنتظار، وأصبحت الحياة تزداد صعوبة، وكل يوم يقضيه سكان جماعة المنصورة بإقليم شفشاون وأقدامهم فوق أرض الأجداد، هو بمثابة إنجاز جديد ينضاف للإنجازات الأخرى التي استطاعوا الصمود أمامها رغم صعوبتها وعنفها. لا أحد في قبيلة بني أحمد له رأي آخر غير الذي يستقر في أذهان الجميع، ولا مجال للتشكيك في الكلام الذي يقال، ولا مجال كذلك للقول أن ما يروج مجرد شائعات وأخبار زائفة، فالذي عاش ورأى وسمع ليس كمن سمع فقط. ولعل المصدر الموثوق فيه أكثر من جميع المصادر، هي العين، والعين وثقت معاناة لا حصر لها مع الماء في جماعة المنصورة بإقليم شفشاون، فموجة الجفاف أحكمت قبضتها على الجميع، والماء هجر المنابع واستحال الوصول إليه مع بداية فصل الصيف، والأيام المقبلة ستكون أشد قساوة. وينتظر المواطنون قدوم فترة صعبة، يقرؤون اللطيف لها ويطلبون من الله أن تمر بردا وسلاما، وأن تحتفظ آبارهم بالعشر لترات التي تتجدد صبيحة كل يوم. وفي الوقت الذي أصبح فيه السكان مهددون بالعطش، سحب المكتب الوطني للماء والكهرباء آلياته التي كانت تشتغل من أجل تزويد الدواوير بالماء الصالح للشرب، دون أي توضيح أو تفسير، ولم يتم استئناف الأشغال لحد الساعة، مع العلم أن هناك جماعات استفادت من الربط المائي وسكانها يتمتعون براحة مائية، في حين لا زال سكان جماعة المنصورة ينظرون إليه كأنه حلم صعب المنال. ويبدو أن هذا المشروع لن يرى النور أبدا، فليست هناك أي إرادة لتنزيله على أرض الواقع بعد أن هرمت محطاته المائية وتلاشت الأنابيب الفارغة وتصدأت دون أن ينعم عليها مكتب الماء بقطرات تسقي البلاد والعباد. ويبدو كذلك أن الذين استفادوا من الماء مواطنين، والذين لم يستفيدوا هم مواطنين من الدرجة الثالثة أو الرابعة، لا يسري عليهم ما يسري على الآخرين. وفي حديثه "للمغرب 24" أكد (ف . ال) أحد سكان جماعة المنصورة أن ما يعيشونه في قريتهم أصبح واقعا صعبا، وأن الوسط القروي القاسي أضحت قساوته مضاعفة، فلا حياة في البادية دون ماء، فالماء عصب الحياة وعمودها الفقري. وأكد أنه كل يوم يقوم أحد الساكنة بعملية الهجرة نحو المدينة لأنه لا يتوفر على الماء، فالمعادلة في القرية لها حل واحد، إذا كان هناك الماء الحياة تستمر رغم الأزمة المالية، وفي غيابه لا حياة للفرد فيها. ذات المتحدث شدد على ضرورة ربط الدواوير المنكوبة بالماء في أقرب الآجال، وإنقاذ الساكنة من العطش، حيث توقع أنه في الأيام المقبلة سنسمع بأخبار من قبيل موت المواشي بالعطش لأن أصحابها لم يستطيعوا ري عطشها.