قدم وزير التربية الوطنية سعيد أمزازي، وعودا للارتقاء بالوضع التعليمي بالمغرب، من خلال البرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين، وذلك في كلمة ألقاها أمام الملك محمد السادس، أمس الإثنين بالقصر الملكي بالرباط، أثناء ترأس حفل تقديم الحصيلة المرحلية والبرنامج التنفيذي. وترأس الملك، أمس أيضا، مراسيم التوقيع على ثلاث اتفاقيات شراكة تتعلق ببرنامج "تيسير" والتكوين في مهن الصحة وإحداث مسارات تربوية باسم "رياضة -دراسة"، وذلك بحضور كل من وزير التربية الوطنية ووزير الصحة ووزير الشباب والرياضة ووزير الاقتصاد والمالية. "تيسير" واعتبر الوزير أن البرنامج التنفيذي في مجال دعم التمدرس وتنزيل إصلاح التربية والتكوين، الذي يأخذ بعين الاعتبار توصيات "الرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية 2015-2030 "، سيعطي دفعة قوية للبرامج ذات الطابع الاجتماعي التي تستهدف مواجهة المعيقات السوسيو-اقتصادية للتمدرس، والتخفيف من التكاليف المادية التي تتحملها الأسر، وفق تعبيره. وقال إنه سيتم العمل على تعزيز برنامج "تيسير" للدعم المالي المشروط وتثمين مكتسباته، وتنفيذ برنامج تعميم وتطوير التعليم الأولي، وتعزيز خدمات الإيواء والإطعام والنقل المدرسي، وتحسين الخدمات الاجتماعية لفائدة طلاب التعليم العالي، وفق تعبيره. وأوضح المتحدث، أنه سيتم تعزيز برنامج "تيسير للدعم المالي المشروط"، لافتا إلى أن هذا البرنامج عرف توسعا ملحوظا منذ إحداثه سنة 2008، توسع، يجسده تطور عدد التلاميذ المستفيدين الذي انتقل من 87.795 برسم السنة الدراسية 2008-2009، إلى 706.359 برسم السنة الدراسية 2017-2018. وذكر الوزير بأن برنامج "تيسير" كان له وقع إيجابي، حيث أبرزت الدراسة التقييمية الأولى، أنه مكن من تقليص الانقطاع المدرسي بنسبة 57 بالمائة، مقابل ارتفاع إعادة تسجيل المنقطعين عن الدراسة بنسبة 37 بالمائة، مشيرا إلى أن إشكالية الاستهداف لازالت قائمة، في انتظار العمل ب"السجل الاجتماعي الموحد". وأشار إلى أن الهدف من هذا البرنامج كان هو رفع عدد التلاميذ المستفيدين من برنامج "تيسير" إلى 2.087.200، مؤكدا أن عملية التوسعة هذه تتطلب تعبئة مليار و539 مليون درهم إضافية، لتصل الكلفة الإجمالية للبرنامج إلى مليارين و170 مليون درهم. الهدر المدرسي وكشف الوزير أن نسبة التمدرس لم تتجاوز 49,6 بالمائة خلال السنة الماضية بالنسبة للتعليم الأولي، مبرزا أن الوزارة شرعت منذ الموسم الحالي في تحسين هذه النسبة باستهداف 100 ألف طفل إضافي من أصل أكثر من 700 ألف طفل غير ممدرس، وإحداث 4000 قسم جديد خلال هذا الموسم. وتابع الوزير أن هذه النسبة ستبلغ 67 بالمائة في أفق 2021 مع إعطاء الأولوية للمجالين القروي وشبه الحضري والمناطق ذات الخصاص، مشيرا إلى أن الهدف المتوخى هو تعميم التعليم الأولي لفائدة أطفال الفئة العمرية من أربع إلى خمس سنوات في أفق 2027، ليشمل الفئة العمرية ثلاث سنوات ابتداء من سنة 2028. ولتحقيق هدف التعميم، أوضح الوزير أنه سيتم العمل على إحداث 50 ألف حجرة وتكوين 56 ألف مربي و950 منشط تربوي، بالإضافة إلى بلورة مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تحسين جودة التعليم الأولي. كما يهدف برنامج العمل الجديد إلى تعزيز خدمات الإيواء والإطعام، عبر الرفع من القيمة اليومية المخصصة للمطاعم والداخليات المدرسية لفائدة 1.443.000 تلميذ بكلفة مالية إضافية برسم هذه السنة تقدر ب570 مليون درهم، وتغطية جل الجماعات التي تستلزم المطاعم المدرسية والداخليات، خاصة بالمناطق القروية والنائية، وتوسيع شبكة المدارس الجماعاتية، من خلال إحداث 150 وحدة جديدة في أفق سنة 2021. وارتباطا بخدمة النقل المدرسي، أبرز الوزير أن 154.000 تلميذ استفادوا السنة الماضية، مشيرا إلى أنه سيتم رفع هذا العدد خلال هذه السنة إلى 193 ألف مستفيد، ثم إلى حوالي 325 ألف في حدود سنة 2021. التعليم العالي أمزازي أشار إلى أن الوزارة تعمل على تعزيز الطاقة الإيوائية بالأحياء الجامعية والداخليات، وذلك ضمن الخدمات الاجتماعية لفائدة طلاب التعليم العالي، لافتا غلى أنه سيتم هذه السنة إطلاق أشغال بناء أربعة أحياء جامعية جديدة وملحقتين بالأحياء القائمة، وهو ما سيمكن من إحداث 4900 سرير إضافي، مع تشييد ستة مطاعم جامعية جديدة، وثماني داخليات ومطاعم بمؤسسات التكوين المهني. وأضاف أنه من شأن تنفيذ هذه البرامج الاجتماعية المساهمة في تحسين مستوى التحصيل الدراسي للتلميذات والتلاميذ المستفيدين، وكذا تقليص نسبة الهدر المدرسي، لتنتقل بالابتدائي بالوسط القروي من 5,7 بالمائة حاليا إلى 1 بالمائة في أفق الموسم الدراسي 2024-2025، ولتنخفض بالإعدادي بالوسطين القروي والحضري من 12 بالمائة حاليا إلى 3 بالمائة في أفق الموسم الدراسي 2024-2025. التشغيل وبخصوص معالجة إشكالية تشغيل الشباب في علاقتها لمنظومة التربية والتكوبن، أشار وزير التربية الوطنية إلى أن برنامج العمل هذا يتضمن مجموعة من التدابير الرامية إلى ضمان ملاءمة أفضل بين التكوين والتشغيل، لاسيما توسيع العرض التربوي وملاءمته مع متطلبات سوق الشغل، ووضع منظور جديد للمؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح. وتابع قوله: "كما يتعلق الأمر بمأسسة وتعزيز التكوين بالتناوب، وإحداث جيل جديد من مراكز التكوين المهني لتأهيل الشباب تستحضر الحاجيات المعبر عنها من طرف القطاعات الاقتصادية، مع مراعاة مخططات التنمية الجهوية، وتفعيل الإطار الوطني للإشهاد، ووضع نظام مندمج للتصديق على مكتسبات التجربة المهنية والمراجعة الشاملة لآليات وبرامج الدعم لتشغيل الشباب، ووضع نظام ناجع ونشيط للتوجيه المدرسي والمهني والجامعي". من جهة أخرى، أشار المتحدث إلى أنه يتم أيضا إيلاء عناية خاصة لمراجعة آليات وبرامج الدعم لتشغيل الشباب، مبرزا على سبيل المثال، إحداث معهد لتكوين الأطر المتوسطة والمقاولين الذاتيين بالدار البيضاء هذه السنة، وإطلاق برنامج لإعادة تأهيل الطلبة الذين يغادرون الجامعة بدون شهادة. كما يتضمن برنامج العمل الجديد إقرار نظام ناجع وتنشيط للتوجيه المدرسي والمهني الجامعي، وخلق مسالك على المستوى الإعدادي والتأهيلي بشراكة مع وزارة الشباب والرياضة، وتطوير تعليم اللغات الأجنبية، لافتا إلى أن نجاح تنفيذ هذا البرنامج رهين بانخراط مختلف المتدخلين في إطار مجهود وطني وجماعي، ويتوقف على جودة ونجاعة حكامته، وفق تعبيره. وفي ضوء هذه الوعود، قال وزير التربية الوطنية إن برنامج العمل المتعلق بدعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي وتشجيع النجاح المدرسي والنهوض بتشغيل الشباب، يضع هذه الفئة من المجتمع في قلب النموذج التنموي الجديد، مشيرا إلى أن الملك دعا في خطاباته، الحكومة وكافة الفاعلين المعنيين إلى إجراء إعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية للدعم والحماية الاجتماعية، والملاءمة بين التكوين وحاجيات الشغل، بهدف التخفيف من البطالة خاصة في صفوف الشباب.